والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لا تجاوزها إلّا وأنت محرم» [1]). وفي صحيح صفوان: «أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وقّت المواقيت لأهلها، ومن أتى عليها من غير أهلها، وفيها رخصة لمن كانت به علّة، فلا يجاوز الميقات إلّا من علّة» [2]).
وفي قبال ذلك استظهر جماعة من الفقهاء [3] اختصاص ذلك بمن يمرّ في طريقه إلى مكة بأحد المواقيت أو محاذيه وأمّا إذا لم يكن مارّاً بشيء من المواقيت ومحاذيها فله أن يحرم من أدنى الحل، فيكون أدنى الحل- أي خارج الحرم- ميقاتاً للآفاقي أيضاً إذا لم يكن طريقه إلى مكة مارّاً بأحد المواقيت ولا بمحاذيها.
ومبنى هذا القول عدم استظهار لزوم الذهاب إلى أحد المواقيت من أخبار التوقيت، وأنّ ما وقّته رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم إنّما هو لمن يمرّ بتلك الطرق، فلا يجوز له أن يتجاوزه من دون إحرام، وهذا لا يشمل من لا يمرّ بشيء منها ولا بمحاذيها، وأمّا لزوم الإحرام من أدنى الحلّ فلإطلاق ما دلّ على عدم جواز دخول الحرم بلا إحرام، والأصل يقتضي البراءة عن وجوب الإحرام قبله، ولزوم الخروج عنه فيمن مرّ بالميقات لا يقتضي خروج غيره من الأفراد، واحتمال دخل الميقات في صحّة الإحرام منفي بأصل البراءة كما في سائر العبادات.
وهناك من اشترط في هذه الحالة الإحرام من مسافة تبعد عن مكة بقدر المواقيت، قال الشهيد الثاني: «لو لم يحاذ ميقاتاً أحرم من قدر تشترك فيه المواقيت» [4]).
وقيل بمساواة أقرب المواقيت، قال العلّامة: «ولو لم يؤد إلى المحاذاة فالأقرب إنشاء الإحرام من أدنى الحل، ويحتمل مساواة أقرب المواقيت» [5]).
وقال الشهيد الأوّل: «لو لم يحاذ ميقاتاً ففي إحرامه من أدنى الحلّ أو من مساواة أقرب المواقيت إلى مكة وجهان» [6]). [1]
الوسائل 11: 333، ب 16 من المواقيت، ح 1. [2] الوسائل 11: 332، ب 15 من المواقيت، ح 1. [3] انظر: مستمسك العروة 11: 284، 290. [4] الروضة 2: 227. [5] القواعد 1: 417. [6] الدروس 1: 342.