غير ما هو المراد به في الأخبار وفي الاصطلاح، وإنّ المؤمن في القرآن معنى أعم، ولكن مع ذلك لا يشمل المنافقين؛ لعدم إيمانهم باللَّه أصلًا. نعم، يصدق عليهم الإسلام [المسلم]؛ لكونه مترتّباً على الإقرار بالشهادتين فقط وإن لم يقارن بالتصديق القلبي، فيترتّب عليهم حكم الإسلام في المعاملات والإرث» [1].
فاتّضح بذلك أنّ من أظهر الشهادتين وعُلم كذبه وعدم اعتقاده بهما فهو منافق، ومن أقرّ بهما أو مع الولاية وعلم صدقه واعتقاده بها، فهو مؤمن بالمعنى الأعم أو الأخص، فالأحكام الثابتة على المؤمن لا تشمل المنافق قطعاً، فقوله تعالى: «وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا» [2]) لا يمكن الاستناد إليه في إثبات حرمة بيع العبد المنافق للكافر.
نعم، صريح الشيخ الأنصاري أنّ المراد من الإيمان في آية نفي السبيل إنّما هو المقرّ بالشهادتين مستشهداً على ذلك بقوله تعالى: «قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ» [3]، بيانه: أنّ قوله تعالى: «وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ» الظاهر في أنّ الإيمان قابل للتحقّق في الخارج قبل دخوله في القلب، فما ثبت له في الخارج من إقرار الشهادتين فهو إيمان في الخارج ومشمول لآية نفي السبيل [4]، وعليه لا يجوز بيع العبد المنافق للكافر؛ لأنّه مؤمن ومصداق للآية.
ولكن اجيب عنه بأنّه لا معنى لثبوت الإيمان في خارج القلب؛ لما مرّ من معنى الإيمان في اللغة، وهو التصديق والاعتقاد، وأمّا التعبير بعدم دخول الإيمان في القلب فليس من جهة أنّ للإيمان محلّين: محلّ في الخارج، ومحلّ فيالقلب، بل من جهة أنّ الإيمان محلّه القلب فقط [5].
وكيف كان، فلا يمكن الحكم على كلّ من لم يدخل الإيمان في قلبه بعد- ولو
[1] مصباح الفقاهة 5: 95- 96
[2] النساء: 141
[3] الحجرات: 14
[4] انظر: المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 3: 590- 591
[5] انظر: مصباح الفقاهة 5: 96