التلف لا وجود له في لوح الواقع من أوّل الأمر، فتبطل الإجارة بالنسبة لتلك المدّة من باب عدم وجود المحلّ والمعوّض.
وقد ذكر تخريج ثالث، وحاصله: أنّ من شروط صحّة المعاوضات شرعاً وعقلائياً القدرة على التسليم، وهو شرط بوجوده الواقعي حين العقد، فمع عدمه ينكشف البطلان من أوّل الأمر- على ما حقّق في محلّه- والتسليم في باب المنافع المتكثّرة بتكثّر الزمان يكون بتسليم العين وإبقائها عند المستأجر في ذلك الزمان.
وعلى هذا يقال: بأنّه بناءً على قبول النظر العرفي القاضي بتحقّق ملكية المنافع المستقبلية للمستأجر بالعقد؛ لكونها مقدّرة الوجود وأنّ تلفها فيما بعد يكون من الرفع لا الدفع، ينكشف بالتلف القهري عدم قدرة المالك على تسليم تلك المنفعة التالفة للمستأجر؛ لعدم قدرته على إبقاء العين وتسليمها له في ذلك الزمان لينتفع بها، فيحكم بالانفساخ من جهة فقدان شرط القدرة على التسليم لا عدم المعوّض [1].
وتفصيل البحث في محلّه.
(انظر: إجارة)
ثمّ إنّ تلف الثمن المعيّن قبل قبضه يشترك مع تلف المبيع قبل قبضه في أنّه يوجب انحلال البيع وانفساخه، حيث لا فرق في السيرة العقلائية بين تلفهما في ذلك، والظاهر الإجماع عليه.
أمّا الاستدلال على ذلك بالروايات فقد قيل: إنّ المبيع في النبوي: «كلّ مبيع تلف قبل قبضه...» المتقدّم يعمّ الثمن، بمعنى أنّ قوله: «كلّ مبيع تلف» هو بمعنى كلّ ما تعلّق به البيع، مثمناً كان أو ثمناً.
وكذلك رواية عقبة بن خالد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، في رجل اشترى متاعاً من رجل وأوجبه غير أنّه ترك المتاع عنده ولم يقبضه، قال: آتيك غداً إن شاء اللَّه فسُرق المتاع، من مال مَن يكون؟ قال: «من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقّه حتى يُردّ ماله إليه» [2]، فإنّها صريحة أو ظاهرة في سراية حكم الانفساخ بالتلف قبل القبض إلى الثمن أيضاً، فإنّه بناءً على
[1] انظر: الإجارة (الهاشمي الشاهرودي) 1: 288- 291. [2] الوسائل 18: 23- 24، ب 10 من الخيار، ح 1.