بين أخذ الزمان الماضي ظرفاً للعقد أو ظرفاً لمتعلّقه، وهو المعوّض، فإنّ كون الفسخ من حينه لا من أصله معناه أنّ العقد بما هو عقد وقرار له حدوث وبقاء غير منحلّ قبل زمان الفسخ، وإنّما ينفسخ هذا القرار في الظرف الثاني، أي بعد زمان الفسخ ومن حينه، ولكن المتعلّق للعقد وللقرار هو تمام المسمّى في طرف العوض وتمام المنفعة في طرف المعوّض، وحيث إنّ المنفعة تدريجية الوجود فبعضها يكون في الزمان السابق قبل الفسخ، فعندما ينحلّ العقد في الزمان الثاني لا محالة يرجع ما هو طرفاه- وهو المنفعة في تمام ذلك الزمان حتى في الماضي- إلى الموجر؛ لأنّ المضي هنا قيد في متعلّق العقد لا ظرف له» [1].
(انظر: إجارة)
الثامن- أسباب الانفساخ:
لانفساخ العقود والمعاملات أسباب مختلفة، فمنها: ما هو اختياري بيد كلا المتعاقدين أو أحدهما، ومنها: ما هو قهري لا اختياري يتحقّق معه الانفساخ بلا إرادة من العاقدين، ولا يمكن معها استمرار العقد، فيقع البحث في بيان أسباب الانفساخ طبق هذا التقسيم.
1- أسباب الانفساخ الاختيارية:
أسباب الانفساخ الراجعة لاختيار الشخص تعود إلى فسخ العقد، والمراد به ما يرفع به حكم العقد والآثار المترتّبة عليه، وهذا قد يأتي من قبل أحد المتعاقدين أو كليهما. وتسلّط العاقدين على الفسخ يكون في العقود غير اللازمة- كالوكالة والعارية ونحوهما- أو في العقود اللازمة التي تتوفّر فيها إحدى الخيارات للمتعاقدين أو لأحدهما، أو يأتي التسلّط على الفسخ بسبب حدوث عذر يبيح لأحد المتعاقدين فسخ العقد (أي يعطيه خيار الفسخ) كما في خيار تعذّر التسليم في الإجارة أو السلم، فللمستأجر أو المشتري فسخ المعاملة إذا تعذّر على المؤجر أو البائع تسليم العوض، أو فسخ المشتري البيع بخيار العيب إذا وجد في المبيع عيباً سبق وجوده عقد البيع؛ لأنّه مخيّر في هذه الحال بين الفسخ وأخذ الأرش مع عدم
[1] الإجارة (الهاشمي الشاهرودي) 1: 294.