بين الأسود والأبيض في جميع الحقوق والواجبات، وأنّه لا يختصّ بقوم دون قوم، وقد جسّد أمير المؤمنين عليه السلام العدالة والمساواة بين الناس في معاملته لهم وفي استحقاقهم من بيت المال فقال: «... واللَّه، لو كانت أموالهم ملكي لساويت بينهم، فكيف وإنّما هي أموالهم؟!...» [1].
وروي أيضاً أنّ امرأة من العرب جاءت مع امرأة أعجمية إلى أمير المؤمنين عليه السلام وكانت العربية قد اعترضت على تساوي سهمها مع الأعجمية فأجاب أمير المؤمنين عليه السلام: «واللَّه لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلًا على بني إسحاق» [2].
والمراد منه المساواة مع رعاية حال كلّ واحد من كثرة العيال وقلّته وسائر ما له دخل في ذلك [3].
ثمّ إنّ الفرص التي أوجدها القانون يختلف الناس في الاستفادة العملية منها بحسب استعدادهم، فيصل بعضهم إلى مقام رفيع في العلم والعمل، ولا يصل البعض الآخر إلى شيء من ذلك، ولا يرجع هذا الاختلاف إلى القوانين، وتستطيع الحكومات تضييق الفواصل الزمنية لهذه القوانين ودعمها إلّاأنّها لا تزول، وبالطبع فإنّ وجود هذا الاختلاف هو عين العدل خصوصاً بعد التساوي في القانون وإمكان الاستفادة المتساوية منها [4].
فلا يمكن التفكيك بين العدل والمساواة ويكون لهما معنى إذا كانا إلى جانب بعضهما الآخر، وفي نظر الإسلام فإنّ المساواة الصحيحة هي التي تكون قائمة على أساس العدل.
مضافاً إلى أنّ للعدالة قيمة مهمة في إنسانية الإنسان حيث لا يتم للإنسان معنى الإنسانية إلّاإذا اعتدلت قواه وكانت في مجراها المشروع، وملكة الاعتدال في كلّ واحدة من القوى هي ما نسمّيه بالخلق الفاضل والمحمود كالحكمة والشجاعة والعفّة وغيرها، ويجمع الجميع العدالة [5].
وسيأتي البحث عن المساواة أمام القانون في مبحث الحقوق القضائية.
(انظر: تساوي، عدل) [1] الوسائل 15: 105، 106، ب 39 من جهاد العدوّ، ح 2. [2] الوسائل 15: 107، ب 39 من جهاد العدوّ، ح 4. [3] جواهر الكلام 21: 216. [4] انظر: فلسفه حقوق بشر: 15، 16. [5] الميزان 5: 268.