كلّ سنة بكبش يذبحه، ويقول: «بسم اللَّه، وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للَّهربّ العالمين، اللّهمّ منك ولك» [1].
سادساً- أحكام لحوم الأضاحي وجلودها:
1- استحباب الأكل من الاضحيّة:
صرّح جماعة من الفقهاء [2] باستحباب أكلها، سواء كانت مسنونة أم واجبة، بالنذر وشبهه، وادّعي عليه الإجماع [3].
وقد يستدلّ له بقوله تعالى: «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ» [4]، فإنّها لا أقلّ تفيد الاستحباب بعد عدم الأخذ بالوجوب.
لكنّها لمّا لم تدلّ على الوجوب؛ لورود الأمر مورد توهّم الحظر، حيث إنّ أهل الجاهلية كانوا يتنزّهون عن الأكل؛ لأنّها صدقة، فيكون مفادها حينئذٍ عدم البأس بالأكل منها [5]، فلا تدلّ إلّاعلى الجواز لا الاستحباب، مع أنّ المراد هو التمسّك بها لإثبات الاستحباب لا مطلق الجواز.
نعم، يمكن استفادة الاستحباب منها بتقريب آخر وهو: أنّ سياق الآية الترغيب إلى الآداب، وهذا وجه يمكن الاعتماد عليه، واستظهار الاستحباب منه، كما ادّعاه الشيخ الطوسي، حيث صرّح- بعد استفادة الوجوب من الأمر- بأنّ الأكل مندوب إليه [6].
ويمكن إثبات استحباب الأكل من الروايات الدالّة على استحباب التثليث عامّة، ورواية أبي الصباح الكناني الآتية [7] خاصّة، حيث إنّها ظاهرة في الاستحباب.
أمّا جواز ادّخار لحوم الأضاحي في منى، وجواز إخراجها منها، وكراهة أخذ جلودها فيراجع فيه مصطلح (ذباحة، ذبيحة). [1] الوسائل 14: 206، ب 60 من الذبح، ح 7. [2] المبسوط 1: 529. الشرائع 1: 264. التذكرة 8: 320. المنتهى 11: 305. الدروس 1: 450. مجمع الفائدة 7: 315. المدارك 8: 80. جواهر الكلام 36: 161. [3] التذكرة 8: 320. المدارك 8: 80. [4] الحجّ: 28. [5] مهذب الأحكام 14: 273. [6] التبيان 7: 310. [7] الوسائل 14: 163، ب 40 من الذبح، ح 13.