ج- جفاف الأرض:
كما وقع البحث بين الفقهاء في اعتبار جفاف الأرض ويبوستها، وفيه وجهان، بل قولان، حيث مال- بل اختار- بعضهم العدم [1]، بينما اختار آخرون الاعتبار [2]).
وجه الأوّل إطلاق أكثر الأخبار، وقصور روايتي المعلّى والحلبي- اللتين جاء فيهما قيد الجفاف واليبوسة- سنداً [3]) أو دلالة [4]، كما ستسمع.
ووجه الثاني رواية المعلّى، حيث جاء فيها: «أ ليس وراءه شيء جافّ؟» قلت:
بلى، قال: «فلا بأس» [5]). ورواية الحلبي المروية في السرائر، حيث جاء فيها:
«أ ليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة؟» قلت: بلى، قال: «فلا بأس» [6]، فإنّ فيهما إشعاراً بل دلالةً على اعتبار الجفاف، فيقيّد بهما المطلقات [7]).
وربما نوقش في سنديهما أو دلالتيهما.
ففي الرياض بعد الاعتراف بإشعارهما- بل دلالتهما- على اعتبار اليبوسة قال:
«إلّا أنّ في سنديهما قصوراً مع عدم الجابر لهما هنا؛ لإطباق أكثر النصوص والفتاوى بالإطلاق جدّاً، مع اعتضاده بالأصل الذي مضى، فهو أقوى، إلّا أنّ اعتبار الجفاف أحوط وأولى» [8]).
واجيب عنه بعدم قصور سنديهما، فالمحقّق النجفي بعد أن وصفهما بحسن المعلّى وصحيح الحلبي وأقرّ بإشعارهما، بل دلالتهما على اعتبار الجفاف قال: «فما في الرياض ... لا يخلو من نظر، سيّما دعواه القصور؛ ضرورة صحّة الخبرين، بناءً على الظنون الاجتهادية» [9]).
وقال الشيخ الأنصاري: «وقد يجاب بقصور الروايتين سنداً. وفيه: أنّ الثانية
[1] نهاية الإحكام 1: 291. الروضة 1: 66. الذخيرة: 317. الرياض 2: 418. [2] جامع المقاصد 1: 179. المسالك 1: 130. الحدائق 5: 458. جواهر الكلام 6: 309. [3] الرياض 2: 418. [4] انظر: الغنائم 1: 484. الطهارة (تراث الشيخ الأعظم) 5: 301. مصباح الفقيه 8: 334. [5] الوسائل 3: 458، ب 32 من النجاسات، ح 3. [6] الوسائل 3: 459، ب 32 من النجاسات، ح 9. [7] انظر: مستند الشيعة 1: 339. جواهر الكلام 6: 309. الطهارة (تراث الشيخ الأعظم) 5: 300. [8] الرياض 2: 418. [9] جواهر الكلام 6: 309.