responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 414
النبي صلى الله عليه وسلم ولد مسرورا مختونا واضعا يديه على الأرض شاخصا ببصره إلى السماء وكذلك شان عيسى في المهد وغير ذلك وأما شان الالهام فلا ينكر وإذا كانت الحيوانات العجم تختص بغرائب الإلهامات كالنحل وغيرها فما ظنك بالإنسان المفضل عليها وخصوصا بمن اختص بكرامة الله. ثم الالهام العام للمولودين في الاقبال على الثدي أوضح شاهد على وجود الالهام العام لهم فشأن العناية الإلهية أعظم من أن يحاط به ومن هنا يفهم بطلان رأي الفارابي وحكماء الأندلس فيما احتجوا به لعدم انقباض الأنواع واستحالة انقطاع المكونات وخصوصا في النوع الانساني وقالوا لو انقطعت أشخاصه لاستحال وجودها بعد ذلك لتوقفه على هذه الصناعة التي لا يتم كون الانسان إلا بها إذ لو قدرنا مولودا دون هذه الصناعة وكفالتها إلى حين الفصال لم يتم بقاؤه أصلا ووجود الصنائع دون الفكر ممتنع لأنها ثمرته وتابعة له وتكلف ابن سينا في الرد على هذا الرأي لمخالفته إياه وذهابه إلى إمكان انقطاع الأنواع وخراب عالم التكوين ثم عوده ثانيا لاقتضاءات فلكية وأوضاع غريبة تندر في الأحقاب بزعمه فتقتضي تخمير طينة مناسبة لمزاجه بحرارة مناسبة فيتم كونه إنسانا ثم يقيض له حيوان يخلق فيه إلهاما لتربيته والحنو عليه إلى أن يتم وجوده وفصاله وأطنب في بيان ذلك في الرسالة التي سماها رسالة حي بن يقظان وهذا الاستدلال غير صحيح وإن كنا نوافقه على انقطاع الأنواع لكن من غير ما استدل به فان دليلة مبني على إسناد الأفعال إلى العلة الموجبة ودليل القول بالفاعل المختار يرد عليه ولا واسطة على القول بالفاعل المختار بين الأفعال والقدرة القديمة ولا حاجة إلى هذا الكلف ثم لو سلمناه جدلا فغاية ما ينبني عليه اطراد وجود هذا لشخص بخلق الالهام لترتيبه في الحيوان الأعجم وما الضرورة الداعية لذلك وإذا كان الالهام يخلق في الحيوان الأعجم فما المانع من خلقه للمولود نفسه كما قررناه أولا وخلق الالهام في شخص لمصالح نفسه أقرب من خلقه فيه لمصالح غيره فكلا المذهبين شاهدان على أنفسهما بالبطلان في مناحيهما لما قررته لك والله تعالى أعلم
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 414
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست