: أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ أَوَّلَ رَاضٍ بِهَذَا الْأَمْرِ يَا أَخَا رَبِيعَةَ فَغَضِبَ كُرْدُوسٌ فَقَالَ:
أَيَا لَيْتَ مَنْ يَرْضَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ
بِعَمْرٍو وَ عَبْدِ اللَّهِ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ
رَضِينَا بِحُكْمِ اللَّهِ لَا حُكْمِ غَيْرِهِ
وَ بِاللَّهِ رَبّاً وَ النَّبِيِّ وَ بِالذِّكْرِ
وَ بِالْأَصْلَعِ[1] الْهَادِي عَلِيٍّ إِمَامِنَا
رَضِينَا بِذَاكَ الشَّيْخِ فِي الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ
رَضِينَا بِهِ حَيّاً وَ مَيْتاً وَ إِنَّهُ
إِمَامُ هُدًى فِي الْحُكْمِ وَ النَّهْيِ وَ الْأَمْرِ
فَمَنْ قَالَ: لَا قُلْنَا: بَلَى إِنَّ أَمْرَهُ
لَأَفْضَلُ مَا تُعْطَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
وَ مَا لِابْنِ هِنْدٍ بَيْعَةٌ فِي رِقَابِنَا
وَ مَا بَيْنَنَا غَيْرُ الْمُثَقَفَةِ السُّمْرِ
وَ بِيضٍ تُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ
وَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الْوَلَاءُ[2] آخِرَ الدَّهْرِ
أَبَتْ لِيَ أَشْيَاخُ الْأَرَاقِمِ سُبَّةً[3]
أُسَبُّ بِهَا حَتَّى أُغَيَّبَ فِي الْقَبْرِ.
وَ تَكَلَّمَ يَزِيدُ بْنُ أَسَدٍ الْقَسْرِيُّ وَ هُوَ مِنْ قُوَّادِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ أَهْوَنَ مَا يَرُدُّنَا وَ إِيَّاكُمْ إِلَيْهِ الْحَرْبُ مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَمْسِ وَ هُوَ الْفَنَاءُ وَ قَدْ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ إِلَى الصُّلْحِ وَ أَشْرَفَتِ الْأَنْفُسُ عَلَى الْفَنَاءِ[4] وَ أَصْبَحَ كُلُّ امْرِئٍ يَبْكِي عَلَى قَتِيلٍ مَا لَكُمْ رَضِيتُمْ بِأَوَّلِ أَمْرِ صَاحِبِكُمْ وَ كَرِهْتُمْ آخِرَهُ إِنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ وَ حَدُّكُمُ الرِّضَا.
فَتَشَاتَمَ عَمْرٌو وَ أَبُو مُوسَى مِنْ لَيْلَتِهِ فَإِذَا ابْنُ عَمٍّ لِأَبِي مُوسَى يَقُولُ:-
أَبَا مُوسَى خُدِعْتَ وَ كُنْتَ شَيْخاً[5]
قَرِيبَ الْقَعْرِ مَدْهُوشَ الْجَنَانِ
رَمَى عَمْرٌو صَفَاتَكَ يَا ابْنَ قَيْسٍ
بِأَمْرٍ لَا تَنُوءُ بِهِ الْيَدَانِ
وَ قَدْ كُنَّا نُجَمْجِمُ عَنْ ظُنُونٍ
فَصَرَّحَتِ الظُّنُونُ عَنِ الْعِيَانِ
[1] انظر ما سبق في ص 233 س 6- 7.
[2] ح (1: 199): «الرضا».
[3] انظر للأراقم ما مضى في ص 486.
[4] في الأصل: «البقاء» صوابه من ح.
[5] في الأصل: «بليت فكنت شيخا» و أثبت ما في ح.