فَيَا رَاكِباً بَلِّغْ تَمِيماً وَ عَامِراً
وَ عَبْساً وَ بَلِّغْ ذَاكَ أَهْلَ عُمَانِ
فَمَا لَكُمْ إِلَّا تَكُونُوا فَجَرْتُمُ
بِإِدْرَاكِ مَسْعَاةِ الْكِرَامِ يَدَانِ[1]
بَكَتْ عَيْنُ مَنْ يَبْكِي ابْنَ عَفَّانَ بَعْدَ مَا
نَفَى وَرَقَ الْفُرْقَانِ كُلَّ مَكَانِ
كِلَا فِئَتَيْهِ عَاشَ حَيّاً وَ مَيِّتاً
يَكَادَانِ لَوْ لَا الْحَقُّ يَشْتَبِهَانِ.
وَ لَمَّا فَعَلَ عَمْرٌو مَا فَعَلَ وَ اخْتَلَطَ النَّاسُ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَجَهَّزَ رَاكِباً إِلَى مُعَاوِيَةَ يُخْبِرُهُ بِالْأَمْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ عَلَى حِدَةٍ[2]:
أَتَتْكَ الْخِلَافَةُ مَزْفُوفَةً
هَنِيئاً مَرِيئاً تُقِرُّ الْعُيُونَا
تُزَفُّ إِلَيْكَ كَزَفِّ الْعَرُوسِ
بِأَهْوَنَ مِنْ طَعْنِكَ الدَّارِعِينَا
وَ مَا الْأَشْعَرِيُّ بِصَلْدِ الزِّنَادِ
وَ لَا خَامِلَ الذِّكْرِ فِي الْأَشْعَرِينَا
وَ لَكِنْ أُتِيحَتْ لَهُ حَيَّةٌ
يَظَلُّ الشُّجَاعُ لَهَا مُسْتَكِيناً
فَقَالُوا وَ قُلْتُ وَ كُنْتُ امْرَأً
أُجَهْجِهُ بِالْخَصْمِ حَتَّى يَلِينَا
فَخُذْهَا ابْنَ هِنْدٍ عَلَى بَأْسِهَا
فَقَدْ دَافَعَ اللَّهُ مَا تَحْذَرُونَا
وَ قَدْ صَرَفَ اللَّهُ عَنْ شَامِكُمْ
عَدُوّاً شَنِيّاً وَ حَرْباً زَبُونَا[3].
وَ قَامَ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَوِ اجْتَمَعْتُمَا عَلَى الْهُدَى مَا زِدْتُمَانَا عَلَى مَا نَحْنُ الْآنَ عَلَيْهِ وَ مَا ضَلَالُكُمَا بِلَازِمِنَا وَ مَا رَجَعْتُمَا إِلَّا بِمَا بَدَأْتُمَا وَ إِنَّا الْيَوْمَ لَعَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَمْسِ.
وَ تَكَلَّمَ النَّاسُ غَيْرَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَ تَكَلَّمَ كُرْدُوسُ بْنُ هَانِئٍ فَقَالَ
[1] في الأصل: «معصات» تحريف. و في اللسان: «و العرب تسمى مآثر أهل الشرف و الفضل مساعى، واحدتها مسعاة؛ لسعيهم فيها، كأنها مكاسبهم و أعمالهم التي أعنوا فيها أنفسهم». و قال عبدة بن الطبيب في المفضلية 27:
فلئن هلكت لقد بنيت مساعيا
تبقى لكم منها مآثر أربع
.
[2] في الأصل: «على حدة».
[3] ح: «عدوا مبينا».