وَ مَا كَانَ إِلَّا لَازِماً قَعْرَ بَيْتِهِ
إِلَى أَنْ أَتَى عُثْمَانَ فِي بَيْتِهِ الْأَجَلْ
فَمَنْ قَالَ قَوْلًا غَيْرَ هَذَا فَحَسْبُهُ
مِنَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ قَوْلُ الَّذِي احْتَمَلَ[1]
وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ دُونِ أَهْلِهِ
وَ فَارِسُهُ الْأُولَى بِهِ يَضْرِبُ الْمَثَلْ.[2]
فَلَمَّا قَرَأَ شُرَحْبِيلُ الْكِتَابَ ذُعِرَ وَ فَكَّرَ وَ قَالَ هَذِهِ نَصِيحَةٌ لِي فِي دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ لَا وَ اللَّهِ لَا أَعْجَلُ فِي هَذَا الْأَمْرِ بِشَيْءٍ وَ فِي نَفْسِي مِنْهُ حَاجَةٌ فَاسْتَتَرَ لَهُ الْقَوْمُ وَ لَفَّفَ لَهُ مُعَاوِيَةُ الرِّجَالَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِ وَ يَخْرُجُونَ وَ يُعْظِمُونَ عِنْدَهُ قَتْلَ عُثْمَانَ وَ يَرْمُونَ بِهِ عَلِيّاً وَ يُقِيمُونَ الشَّهَادَةَ الْبَاطِلَةَ وَ الْكُتُبَ الْمُخْتَلِفَةَ حَتَّى أَعَادُوا رَأْيَهُ وَ شَحَذُوا عَزْمَهُ وَ بَلَغَ ذَلِكَ قَوْمَهُ فَبَعَثَ ابْنُ أُخْتٍ لَهُ مِنْ بَارِقٍ وَ كَانَ يَرَى رَأْيَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَبَايَعَهُ بَعْدُ وَ كَانَ مِمَّنْ لَحِقَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ كَانَ نَاسِكاً فَقَالَ
لَعَمْرُ أَبِي الْأَشْقَى ابْنُ هِنْدٍ لَقَدْ رَمَى
شُرَحْبِيلَ بِالسَّهْمِ الَّذِي هُوَ قَاتِلُهُ
وَ لَفَّفَ قَوْماً يَسْحَبُونَ ذُيُولَهُمْ
جَمِيعاً وَ أَوْلَى النَّاسِ بِالذَّنْبِ فَاعِلُهُ
فَأَلْفَى يَمَانِيّاً ضَعِيفاً نُخَاعُهُ
إِلَى كُلِّ مَا يَهْوَوْنَ تُحْدَى رَوَاحِلُهُ
فَطَاطَا لَهَا لَمَّا رَمَوْهُ بِثِقْلِهَا
وَ لَا يُرْزَقُ التَّقْوَى مِنَ اللَّهِ خَاذِلُهُ
لِيَأْكُلَ دُنْيَا لِابْنِ هِنْدٍ بِدِينِهِ[3]
أَلَا وَ ابْنُ هِنْدٍ قَبْلَ ذَلِكَ آكِلُهُ
[1] أي الذي احتمله. ح: «بعض الذي احتمل».
[2] ح: «و من باسمه في فضله يضرب المثل».
[3] في الأصل: «ليأكل به دنيا ابن هند».