بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ[1] وَ لَكِنَّكَ مِلْتَ إِلَى الدُّنْيَا وَ شَيْءٍ كَانَ فِي نَفْسِكَ عَلَى زَمَنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
فَبَلَغَ مُعَاوِيَةَ قَوْلُ الرَّجُلَيْنِ فَبَعَثَ إِلَى جَرِيرٍ فَزَجَرَهُ[2] وَ لَمْ يَدْرِ مَا أَجَابَهُ أَهْلُ الشَّامِ وَ كَتَبَ جَرِيرٌ إِلَى شُرَحْبِيلَ[3]
شُرَحْبِيلُ يَا ابْنَ السِّمْطِ لَا تَتْبَعِ الْهَوَى
فَمَا لَكَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدِّينِ مِنْ بَدَلْ
وَ قُلْ لِابْنِ حَرْبٍ مَا لَكَ الْيَوْمَ حُرْمَةٌ
تَرُومُ بِهَا مَا رُمْتَ فَاقْطَعْ لَهُ الْأَمَلَ[4]
شُرَحْبِيلُ إِنَّ الْحَقَّ قَدْ جَدَّ جَدَّهُ
وَ إِنَّكَ مَأْمُونُ الْأَدِيمِ مِنَ النَّغَلِ
فَأَرْوِدْ وَ لَا تُفْرِطْ بِشَيْءٍ نَخَافُهُ
عَلَيْكَ وَ لَا تَعْجَلْ فَلَا خَيْرَ فِي الْعَجَلِ[5]
وَ لَا تَكُ كَالْمُجْرَى إِلَى شَرِّ غَايَةٍ
فَقَدْ خُرِقَ السِّرْبَالُ وَ اسْتَنْوَقَ الْجَمَلُ
وَ قَالَ ابْنُ هِنْدٍ فِي عَلِيٍّ عَضِيهَةً
وَ لَلَّهُ فِي صَدْرِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ أَجَلُ
وَ مَا لِعَلِيٍّ فِي ابْنِ عَفَّانَ سَقْطَةٌ
بِأَمْرٍ وَ لَا جَلْبٍ عَلَيْهِ وَ لَا قَتْلِ[6]
[1] انظر الآية 53 من سورة سبأ و أقوال أصحاب التفسير فيها.
[2] في الأصل: «فزجوه» صوابه في ح.
[3] ح: «و كتب كتاب لا يعرف كاتبه إلى شرحبيل يقول».
[4] ح: «ما لك اليوم ... فاقلع».
[5] الإرواد: الإمهال. و الفرط: السبق.
[6] ح: «و لا مالا عليه و لا قتل». و الممالأة: المساعدة و المعاونة.