وَ أَسْرَعَ هَارِباً إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: فَضَحِكَ جَعْدَةُ وَ هَزْمَتُكَ[1] لَا تَغْسِلْ رَأْسَكَ مِنْهَا أَبَداً قَالَ عُتْبَةُ: لَا وَ اللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَى مِثْلِهَا أَبَداً وَ لَقَدْ أَعْذَرْتُ وَ مَا كَانَ عَلَى أَصْحَابِي مِنْ عَتْبٍ وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَبَى أَنْ يُدِيلَنَا مِنْهُمْ فَمَا أَصْنَعُ.
فَحَظِيَ بِهَا جَعْدَةُ عِنْدَ عَلِيٍّ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ فِيمَا كَانَ مِنْ شَتْمِ عُتْبَةَ لِجَعْدَةَ شِعْراً:
إِنَّ شَتْمَ الْكَرِيمِ يَا عُتْبَ خَطْبٌ
فَاعْلَمَنْهُ مِنَ الْخُطُوبِ عَظِيمُ
أُمُّهُ أُمُّ هَانِئٍ وَ أَبُوهُ
مِنْ مَعَدٍّ وَ مِنْ لُؤَيٍّ صَمِيمُ
ذَاكَ مِنْهَا هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ
أَقَرَّتْ بِفَضْلِهِ مَخْزُومٌ
كَانَ فِي حَرْبِكُمْ يُعَدُّ بِأَلْفٍ
حِينَ تَلْقَى بِهَا الْقُرُومُ الْقُرُومَ
وَ ابْنُهُ جَعْدَةُ الْخَلِيفَةُ مِنْهُ
هَكَذَا يَخْلُفُ الْفُرُوعُ الْأَرُومَ
كُلُّ شَيْءٍ تُرِيدُهُ فَهُوَ فِيهِ
حَسَبٌ ثَاقِبٌ وَ دِينٌ قَوِيمٌ
وَ خَطِيبٌ إِذَا تَمَعَّرَتِ الْأَوْجُهُ
يَشْجَى بِهِ الْأَلَدُّ الْخَصِيمُ
وَ حَلِيمٌ إِذَا الْحُبَى حَلَّهَا الْجَهْلُ
وَ خَفَتْ مِنَ الرِّجَالِ الْحُلُومُ[2]
وَ شَكِيمُ الْحُرُوبِ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ
إِذَا حَلَّ فِي الْحُرُوبِ الشَّكِيمُ
وَ صَحِيحُ الْأَدِيمِ مِنْ نَغَلِ الْعَيْبِ
إِذَا كَانَ لَا يَصِحُّ الْأَدِيمُ
حَامِلٌ لِلْعَظِيمِ فِي طَلَبِ الْحَمْدِ
إِذَا أَعْظَمَ الصَّغِيرَ اللَّئِيمُ
مَا عَسَى أَنْ تَقُولَ لِلذَّهَبِ الْأَحْمَرِ
عَيْباً هَيْهَاتَ مِنْكَ النُّجُومُ
كُلُّ هَذَا بِحَمْدِ رَبِّكَ فِيهِ
وَ سِوَى ذَاكَ كَانَ وَ هْوَ فَطِيمُ.
وَ قَالَ الشَّنِّيُّ فِي ذَلِكَ لِعُتْبَةَ-
مَا زِلْتَ تَنْظُرُ فِي عِطْفَيْكَ أُبَّهَةً
لَا يَرْفَعُ الطَرْفَ مِنْكَ التِّيهُ وَ الصَّلَفُ[3]
[1] في الأصل: «بهزمك» و الوجه ما أثبت من ح.
[2] الحبى، تقال بضم الحاء جمع حبوة بضم الحاء، و بكسر الحاء جمع حبوة بكسرها، و هي أن يجمع ظهره و ساقيه بعمامة. ح: «إذا الجبال جللها الجهل».
[3] في الأصل: «و ظلت تنظر» و أثبت ما في ح (1: 302).