فِي حُمَاةِ الْخَيْلِ فَقَصَدَ الْمِرْقَالَ وَ مَعَ الْمِرْقَالِ لِوَاءُ عَلِيٍّ الْأَعْظَمُ فِي حُمَاةِ النَّاسِ وَ كَانَ عَمْرٌو مِنْ فُرْسَانِ قُرَيْشٍ فَتَقَدَّمَ وَ هُوَ يَقُولُ:
لَا عَيْشَ إِنْ لَمْ أَلْقَ يَوْماً هَاشِماً
ذَاكَ الَّذِي أَجْشَمَنِي الْمَجَاشِمَا
ذَاكَ الَّذِي أَقَامَ لِي الْمَآتِمَا
ذَاكَ الَّذِي يَشْتِمُ عِرْضِي ظَالِماً
ذَاكَ الَّذِي إِنْ يَنْجُ مِنِّي سَالِماً
يَكُنْ شَجًا حَتَّى الْمَمَاتِ لَازِماً.
فَطَعَنَ فِي أَعْرَاضِ الْخَيْلِ مُزْبِدا فَحَمَلَ هَاشِمٌ وَ هُوَ يَقُولُ:
لَا عَيْشَ إِنْ لَمْ أَلْقَ يَوْمِي عَمْراً
ذَاكَ الَّذِي أَحْدَثَ فِينَا الْغَدْرَا
أَوْ يُحْدِثَ اللَّهُ لِأَمْرٍ أَمْراً
لَا تَجْزَعِي يَا نَفْسُ صَبْراً صَبْراً
ضَرْباً هَذَاذَيْكَ وَ طَعْناً شَزْرَا[1]
يَا لَيْتَ مَا تَجْنِي يَكُونُ قَبْراً[2].
فَطَاعَنَ عَمْراً حَتَّى رَجَعَ[3] وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ انْصَرَفَ الْفَرِيقَانِ بَعْدَ شِدَّةِ الْقِتَالِ وَ لَمْ يَسُّرَّ مُعَاوِيَةُ ذَلِكَ.
وَ إِنَّ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ غَدَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فِي حُمَاةِ الْخَيْلِ فَلَقِيَ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ فِي كُمَاةِ الْأَنْصَارِ فَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا وَ بَرَزَ قَيْسٌ كَأَنَّهُ فَنِيقٌ مُقْرِمٌ وَ هُوَ يَقُولُ:-
أَنَا ابْنُ سَعْدٍ زَانَهُ عُبَادَهْ
وَ الْخَزْرَجِيُّونَ رِجَالٌ سَادَهْ
لَيْسَ فِرَارِي فِي الْوَغَى بِعَادَهْ
إِنَّ الْفِرَارَ لِلْفَتَى قِلَادَهْ
يَا رَبِّ أَنْتَ لَقِّنِي الشَّهَادَهْ
وَ الْقَتْلُ خَيْرٌ مِنْ عَنَاقِ غَادَهْ
حَتَّى مَتَى تُثْنَى لِيَ الْوِسَادَهْ.
[1] هذا ذيك: أى هذا بعد هذ، يعنى قطعا بعد قطع. و في الأصل:« مداريك» صوابه في ح( 2: 291).
[2] في الأصل:« يا ليت ما تحيي» و الوجه ما أثبت من ح.
[3] في الأصل:« فطعن عمرا» صوابه في ح.