فَدُونَكَهُ إِنْ كُنْتَ تَبْغِي مُهَاجِراً
أَشَمَّ كَنَصْلِ السَّيْفِ عَيْرَ حَلَاحِلِ[1].
فَعَرَضَ شِعْرَهُ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: «أَنْتَ أَشْعَرُ قُرَيْشٍ» فَضَرَبَ بِهَا النَّاسُ إِلَى مُعَاوِيَةَ.
وَ ذَكَرُوا أَنَّهُ اجْتَمَعَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ- عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَ ابْنُ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ فَقَالَ عُتْبَةُ: إِنَّ أَمْرَنَا وَ أَمْرَ عَلِيٍّ لَعَجَبٌ لَيْسَ مِنَّا إِلَّا مَوْتُورٌ مُحَاجٌّ أَمَّا أَنَا فَقَتَلَ جَدِّي وَ اشْتَرَكَ فِي دَمِ عُمُومَتِي يَوْمَ بَدْرٍ وَ أَمَّا أَنْتَ يَا وَلِيدُ فَقَتَلَ أَبَاكَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَ أَيْتَمَ إِخْوَتَكَ وَ أَمَّا أَنْتَ يَا مَرْوَانُ فَكَمَا قَالَ الْأَوَّلُ[2]:-
وَ أَفْلَتَهُنَّ عِلْبَاءُ جَرِيضاً
وَ لَوْ أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الْوِطَابِ[3].
قَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا الْإِقْرَارُ فَأَيْنَ الْغُيُرُ[4] قَالَ مَرْوَانُ: أَيَّ غُيُرٍ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ يُشْجَرَ بِالرِّمَاحِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكَ لَهَازِلٌ وَ لَقَدْ ثَقَّلْنَا عَلَيْكَ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ فِي ذَلِكَ:-
يَقُولُ لَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ
أَ مَا فِيكُمْ لِوَاتِرِكُمْ طَلُوبٌ
يَشُدُّ عَلَى أَبِي حَسَنٍ عَلِيٍ
بِأَسْمَرَ لَا تُهَجِّنُهُ الْكُعُوبُ
فَيَهْتِكَ مَجْمَعَ اللَّبَّاتِ مِنْهُ
وَ نَقْعُ الْقَوْمِ مُطَّرِدٌ يَثُوبُ
فَقُلْتُ لَهُ أَ تَلْعَبُ يَا ابْنَ هِنْدٍ
كَأَنَّكَ وَسْطَنَا رَجُلٌ غَرِيبٌ
أَ تَأْمُرُنَا بِحَيَّةِ بَطْنِ وَادٍ
إِذَا نَهَشَتْ فَلَيْسَ لَهَا طَبِيبٌ
[1] عير القوم: سيدهم. و الحلاحل، بفتح أوله: جمع الحلاحل بضمه، و هو السيّد في عشيرته، الشجاع، الركين في مجلسه. و في الأصل: «بنعل السيف غير حلاحل» تحريف.
[2] هو امرؤ القيس، من أبيات له في ديوانه ص 160.
[3] علباء هذا هو قاتل والد امرئ القيس، و هو علباء بن حارث الكاهليّ.
و الجريض: الذي يأخذ بريقه. صفر و طابه: قتل.
[4] الغير: جمع غيور؛ و الغيرة: الحمية و الأنفة.