وَ بِابْنَيْ بُدَيْلٍ فَارِسَيْ كُلِّ بُهْمَةٍ
وَ غَيْثٍ خُزَاعِيٍّ بِهِ نَدْفَعُ الْمَحْلَا[1]
فَهَذَا عُبَيْدُ اللَّهِ وَ الْمَرْءُ حَوْشَبٌ
وَ ذُو كَلَعٍ أَمْسَوْا بِسَاحَتِهِمْ قَتْلَى.
ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَسْرَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي أَهْلِ الشَّامِ قَالَ: هَذَا يَوْمُ تَمْحِيصٍ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ أَسْرَعَ فِيهِمْ كَمَا أَسْرَعَ فِيكُمْ اصْبِرُوا يَوْمَكُمْ هَذَا وَ خَلَاكُمْ ذَمٌّ.
وَ حَضَّضَ عَلِيٌّ أَصْحَابَهُ فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ جَعَلْتَنِي عَلَى شُرْطَةِ الْخَمِيسِ وَ قَدَّمْتَنِي فِي الثِّقَةِ دُونَ النَّاسِ وَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَا تَفْقِدُ لِي صَبْراً وَ لَا نَصْراً وَ أَمَّا أَهْلُ الشَّامِ فَقَدْ هَدَّهُمْ مَا أَصَبْنَا مِنْهُمْ وَ نَحْنُ فَفَيْنَا[2] بَعْضُ الْبَقِيَّةِ فَاطْلُبْ بِنَا أَمْرَكَ وَ أْذَنْ لِي فِي التَّقَدُّمِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: «تَقَدَّمِ بِاسْمِ اللَّهِ» وَ أَقْبَلَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ السَّعْدِيُّ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ وَ اللَّهِ لَا تُصِيبُونَ هَذَا الْأَمْرَ أَذَلَّ عُنُقاً مِنْهُ الْيَوْمَ قَدْ كَشَفَ الْقَوْمُ عَنْكُمْ قِنَاعَ الْحَيَاءِ وَ مَا يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينٍ وَ مَا يَصْبِرُونَ إِلَّا حَيَاءً[3] فَتَقَدَّمُوا فَقَالُوا: إِنَّا إِنْ تَقَدَّمْنَا الْيَوْمَ فَقَدْ تَقَدَّمْنَا أَمْسِ فَمَا تَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: «تَقَدَّمُوا فِي مَوْضِعِ التَّقَدُّمِ وَ تَأَخَّرُوا فِي مَوْضِعِ التَّأَخُّرِ تَقَدَّمُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَقَدَّمُوا إِلَيْكُمْ.» وَ حَمَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَ تَلَقَّاهُمْ أَهْلُ الشَّامِ فَاجْتَلَدُوا وَ حَمَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مُعْلِمَاً وَ هُوَ يَقُولُ-
شُدُّوا عَلَيَّ شُكَّتِي لَا تَنْكَشِفْ
بَعْدَ طُلَيْحٍ وَ الزُّبَيْرِ فَأْتَلِفْ
يَوْمٌ لِهَمْدَانَ وَ يَوْمٌ لِلصَّدَفِ[4]
وَ فِي تَمِيمٍ نَخْوَةٌ لَا تَنْحَرِفْ
[1] يقال فلان فارس بهمة، كما يقال ليث غابة؛ و البهمة، بالضم: الجيش.
[2] في الأصل: «نفينا».
[3] لعلها: «إلا حبا في الدنيا».
[4] الصدف، بكسر الدال: لقب عمرو بن مالك بن أشرس بن عفير بن عدى بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان، انظر نهاية الأرب (2: 304 ثمّ 303). و النسبة إليه «صدفى» بالتحريك.