بِمُهَجِ أَنْفُسِكُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا تُصِيبُوا الْآخِرَةَ وَ الْمَنْزِلَ الْأَعْلَى وَ الْمُلْكَ الَّذِي لَا يَبْلَى فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَوَابٌ وَ لَا عِقَابٌ وَ لَا جَنَّةٌ وَ لَا نَارٌ لَكَانَ الْقِتَالُ مَعَ عَلِيٍّ أَفْضَلَ مِنَ الْقِتَالِ مَعَ مُعَاوِيَةَ ابْنِ أَكَّالَةِ الْأَكْبَادِ فَكَيْفَ وَ أَنْتُمْ تَرْجُونَ مَا تَرْجُونَ وَ قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ-
لَا تَعْدَمُوا قَوْماً أَذَاقُوا ابْنَ يَاسِرٍ
شَعُوباً وَ لَمْ يُعْطُوكُمُ بِالْخَزَائِمِ
فَنَحْنُ قَتَلْنَا الْيَثْرِبِيَّ بْنَ مِحْصَنٍ
خَطِيبَكُمُ وَ ابْنَيْ بُدَيْلٍ وَ هَاشِمٍ.
وَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ:
لَقَدْ رَأَيْتُ أُمُوراً كُلُّهَا عَجَبٌ
وَ مَا رَأَيْتُ كَأَيَّامٍ بِصِفِّينَا
لَمَّا غَدَوْا وَ غَدَوْنَا كُلُّنَا حَنِقٌ
وَ مَا رَأَيْتُ الْجِمَالَ الْجِلَّةَ الْجُونَا
خَيْلٌ تَجُولُ وَ خَيْلٌ فِي أَعِنَّتِهَا
وَ آخَرُونَ عَلَى غَيْظٍ يُرَامُونَا
ثُمَّ ابْتَذَلْنَا سُيُوفاً فِي جَمَاجِمِهِمْ
وَ مَا نُسَاقِيهِمُ مِنْ ذَاكَ يَجْزُونَا
كَأَنَّهَا فِي أَكُفِّ الْقَوْمِ لَامِعَةً
سَلَاسِلُ الْبَرْقِ يَجْدَعْنَ الْعَرَانِينَا
ثُمَّ انْصَرَفْنَا كَأَشْلَاءٍ مُقَطَّعَةٍ
وَ كُلُّنَا عِنْدَ قَتْلَاهُمْ يُصَلُّونَا.
وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَعْقِلِ بْنِ نَهِيكِ بْنِ يَسَافَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ وَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ النَّجَاشِيُّ يَبْكِي أَبَا عَمْرَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ[1] وَ قُتِلَ بِصِفِّينَ
لَنِعْمَ فَتَى الْحَيَّيْنِ عَمْرُو بْنُ مِحْصَنٍ
إِذَا صَائِحُ الْحَيِّ الْمُصَبَّحَ ثَوَّبَا[2]
[1] هو بشير بن عمرو بن محصن الأنصارى. ترجمته في 185.
[2] صدر البيت يشهد بأن اسمه «عمرو» و هو أحد الأقوال التي قيلت في اسمه، و في الإصابة: «و قال ابن الكلبي: اسمه عمرو بن محصن». المصبح: الذي صبحته الغارة.
و في الأصل: «المصيح» صوابه في ح (2: 278). و التثويب: الاستصراخ، و أصله أن يلوح المستصرخ بثوبه ليرى و يشتهر. ح: «إذا ما صارخ الحى».