فَعَضَّ عَلَى ثَدْيِهِ حَتَّى نَيَّبَتْ فِيهِ أَنْيَابُهُ[1] ثُمَّ مَاتَ هَاشِمٌ وَ هُوَ عَلَى صَدْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ ضَرَبَ الْبَكْرِيَّ فَوَقَعَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَأَبْصَرَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَرِيباً مِنْهُ فَحَبَا إِلَيْهِ[2] حَتَّى عَضَّ عَلَى ثَدْيِهِ الْآخَرِ حَتَّى نَيَّبَتْ[3] أَنْيَابُهُ فِيهِ وَ مَاتَ أَيْضاً فَوُجِدَا جَمِيعاً عَلَى صَدْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ- هَاشِمٌ وَ الْبَكْرِيُّ قَدْ مَاتَا جَمِيعاً.
لَمَّا قُتِلَ هَاشِمٌ جَزِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ جَزَعاً شَدِيداً وَ أُصِيبَ مَعَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَسْلَمَ مِنَ الْقُرَّاءِ فَمَرَّ عَلَيْهِمْ عَلِيٌّ وَ هُمْ قَتْلَى حَوْلَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ فَقَالَ:
«
جَزَى اللَّهُ خَيْراً عُصْبَةً أَسْلَمِيَّةً
صِبَاحَ الْوُجُوهِ صُرِّعُوا حَوْلَ هَاشِمٍ
يَزِيدُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بِشْرٌ وَ مَعْبَدٌ
وَ سُفْيَانُ وَ ابْنَا هَاشِمٍ ذِي الْمَكَارِمِ[4]
وَ عُرْوَةُ لَا يَبْعُدْ ثَنَاهُ وَ ذِكْرُهُ
إِذَا اخْتُرِطَتْ يَوْماً خِفَافُ الصَّوَارِمِ[5]
».
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ: وَ أَخَذَ الرَّايَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَاشِماً كَانَ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ قَدَّرَ أَرْزَاقَهُمْ وَ كَتَبَ آثَارَهُمْ وَ أَحْصَى أَعْمَالَهُمْ وَ قَضَى آجَالَهُمْ فَدَعَاهُ رَبُّهُ الَّذِي لَا يُعْصَى فَأَجَابَهُ وَ سَلَّمَ الْأَمْرَ لِلَّهِ وَ جَاهَدَ فِي طَاعَةِ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ أَفْقِهِهِمْ فِي دِينِ اللَّهِ الْمُخَالِفِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ الْمُسْتَحِلِّينَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ الَّذِينَ عَمِلُوا فِي الْبِلَادِ بِالْجَوْرِ وَ الْفَسَادِ وَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَزَيَّنَ لَهُمُ الْإِثْمَ وَ الْعُدْوَانَ فَحَقَّ عَلَيْكُمْ جِهَادُ مَنْ خَالَفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَطَّلَ حُدُودَ اللَّهِ وَ خَالَفَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَجُودُوا
[1] نيبت أنيابه: نشبت. و في الأصل:« تبينت» و ليس بشيء.
[2] في الأصل:« فجثا إليه» و الصواب ما أثبت. و لم أعثر على هذا الخبر في ح.
[3] في الأصل:« تبينت» و الوجه ما أثبت. و انظر ما سبق في التنبيه الأول.
[4] ح:« يزيد و سعدان و بشر و معبد* و سفيان و ابنا معبد».
[5] ثناه، أجدر بها أن تكون:« نثاه» بتقديم النون، و هو ما أخبرت به عن الرجل من خير أو شر. اخترط السيف: استله.