فَأَجَابَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْهَضْ بِنَا إِلَى عَدُوِّنَا وَ عَدُوِّكَ إِذَا شِئْتَ فَوَ اللَّهِ مَا نُرِيدُ بِكَ بَدَلًا نَمُوتُ مَعَكَ وَ نَحْيَا مَعَكَ- فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ مُجِيباً لَهُمْ: «وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَنَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ص أَضْرِبُ قُدَّامَهُ بِسَيْفِي فَقَالَ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ[1] وَ لَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ» وَ قَالَ يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَ مَوْتُكَ وَ حَيَاتُكَ يَا عَلِيُّ مَعِي وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ لَا ضَلِلْتُ وَ لَا ضُلَّ بِي وَ مَا نَسِيتَ مَا عَهِدَ إِلَيَّ وَ إِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ إِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْفِظُهُ لَفْظاً.
ثُمَّ نَهَضَ إِلَى الْقَوْمِ فَاقْتَتَلُوا مِنْ حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ وَ مَا كَانَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ إِلَّا تَكْبِيراً.
[مبارزات علي ع و كريب بن الصباح]
نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ ذَكَرَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَافَّ أَهْلَ الشَّامِ حَتَّى بَرَزَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرٍ مِنْ آلِ ذِي يَزَنَ اسْمُهُ كُرَيْبُ بْنُ الصَّبَّاحِ لَيْسَ فِي أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ أَشْهَرُ شِدَّةً بِالْبَأْسِ مِنْهُ ثُمَّ نَادَى: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْمُرْتَفِعُ بْنُ الْوَضَّاحِ الزُّبَيْدِيُّ فَقَتَلَ الْمُرْتَفِعَ ثُمَّ نَادَى: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْحَارِثُ بْنُ الْجُلَاحِ[2] فَقَتَلَ ثُمَّ نَادَى: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَائِذُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْهَمْدَانِيُ[3] فَقَتَلَ عَائِذاً ثُمَّ رَمَى بِأَجْسَادِهِمْ بَعْضِهَا فَوْقَ بَعْضٍ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهَا بَغْياً وَ اعْتِدَاءً ثُمَّ نَادَى: هَلْ بَقِيَ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ ثُمَّ نَادَاهُ: «وَيْحَكَ يَا كُرَيْبُ إِنِّي أُحَذِّرُكَ اللَّهَ وَ بَأْسَهُ وَ نَقِمَتَهُ وَ أَدْعُوكَ إِلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَيْحَكَ لَا يُدْخِلَنَّكَ
[1] ذو الفقار: اسم سيف النبيّ صلّى اللّه عليه، سمى بذلك لحفر صغار حسان كانت به.
و كان للعاص بن منبه، ثمّ صار إلى الرسول، ثمّ صار إلى على. انظر اللسان، و ما يعول عليه.
[2] ح:« بن اللجلاج».
[3] ح:« عابد» بالباء الموحدة.