ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ النَّارَ» فَكَانَ جَوَابَهُ أَنْ قَالَ: مَا أَكْثَرَ مَا قَدْ سَمِعْنَا هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْكَ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا أَقْدِمْ إِذَا شِئْتَ. مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وَ هَذَا أَثَرُهُ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ ع «لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» ثُمَّ مَشَى إِلَيْهِ فَلَمْ يُمْهِلْهُ أَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً خَرَّ مِنْهَا قَتِيلًا يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ.
ثُمَّ نَادَى: «مَنْ يُبَارِزُ؟» فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْحَارِثُ بْنُ وَدَاعَةَ الْحِمْيَرِيُّ فَقَتَلَ الْحَارِثَ.
ثُمَّ نَادَى: «مَنْ يُبَارِزُ؟» فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْمُطَاعُ بْنُ الْمُطَّلِبِ الْقَيْنِيُ[1] فَقَتَلَ مُطَاعاً ثُمَّ نَادَى: «مَنْ يَبْرُزُ؟» فَلَمْ يَبْرُزْ إِلَيْهِ أَحَدٌ.
ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً نَادَى: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ- الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ[2] وَيْحَكَ يَا مُعَاوِيَةُ هَلُمَّ إِلَيَّ فَبَارِزْنِي وَ لَا يُقْتَلَنَّ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَنَا» فَقَالَ عَمْرٌو: اغْتَنِمْهُ مُنْتَهَزاً قَدْ قَتَلَ ثَلَاثَةً مِنْ أَبْطَالِ الْعَرَبِ وَ إِنِّي أَطْمَعُ أَنْ يُظْفِرَكَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَيْحَكَ يَا عَمْرُو وَ اللَّهِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ أُقْتَلَ فَتُصِيبَ الْخِلَافَةَ بَعْدِي اذْهَبْ إِلَيْكَ فَلَيْسَ مِثْلِي يُخْدَعُ.
وَ قَالَ الْمُخَارِقُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْحِمْيَرِيُّ فِي ذَلِكَ وَ قَدْ قُتِلَ إِخْوَةٌ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَ قُتِلَ أَبُوهُ وَ كَانَ مِنْ أَعْلَامِ الْعَرَبِ فَقَالَ وَ هُوَ يَبْكِي عَلَى الْعَرَبِ:
أَعُوذُ بِاللَّهِ الَّذِي قَدْ احْتَجَبْ
بِالنُّورِ وَ السَّبْعِ الطِّبَاقِ وَ الْحُجُبْ
أَ مِنْ ذَوَاتِ الدِّينِ مِنَّا وَ الْحَسَبْ
لَا تَبْكِيَنْ عَيْنٌ عَلَى مَنْ قَدْ ذَهَبْ
لَيْسَ كَمَثَلِ اللَّهِ شَيْءٌ يُرْتَهَبْ
يَا رَبِّ لَا تُهْلِكَ أَعْلَامَ الْعَرَبِ[3]
[1] ح (1: 504): «العبسى».
[2] في الأصل: «مع الصابرين» تحريف. و الآية هي ال- 194 من البقرة.
[3] أراد لا تهلكن، فحذف نون التوكيد الحقيقة، و أبقى الفتحة قبلها تدلّ عليها.
انظر ما سبق ص 177 في التنبيه الثالث.