احْتِمَالَهُ فَقَالَ ابْنُهُ: هَلْ مِنْ فَتًى مِعْوَانٍ فَخَرَجَ إِلَيْهِ خِنْدِفٌ الْبَكْرِيُّ فَقَالَ تَنَحَّوْا عَنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ ذِي الْكَلَاعِ: وَ مَنْ يَحْمِلُهُ إِذَا تَنَحَّيْنَا؟ قَالَ: يَحْمِلُهُ الَّذِي قَتَلَهُ فَاحْتَمَلَهُ خِنْدِفُ ثُمَّ رَمَى بِهِ عَلَى ظَهْرِ الْبَغْلِ ثُمَّ شَدَّهُ بِالْحِبَالِ فَانْطَلَقُوا بِهِ.
ثُمَّ تَمَادَى النَّاسُ فِي الْقِتَالِ فَاضْطَرَبُوا بِالسُّيُوفِ حَتَّى تَعَطَّفَتْ[1] وَ صَارَتْ كَالْمَنَاجِلِ وَ تَطَاعَنُوا بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَ تَنَاثَرَتْ أَسِنَّتُهَا ثُمَّ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبَاتِ فَتَحَاثَوْا بِالتُّرَابِ يَحْثُو بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ التُّرَابَ ثُمَّ تَعَانَقُوا وَ تَكَادَمُوا بِالْأَفْوَاهِ وَ تَرَامَوْا بِالصَّخْرِ وَ الْحِجَارَةِ ثُمَّ تَحَاجَزُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَمُرُّ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَيَقُولُ: مِنْ أَيْنَ آخُذُ[2] إِلَى رَايَاتِ بَنِي فُلَانٍ فَيَقُولُونَ هَاهُنَا لَا هَدَاكَ اللَّهُ وَ يَمُرُّ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ فَيَقُولُ كَيْفَ آخُذُ إِلَى رَايَاتِ بَنِي فُلَانٍ فَيَقُولُونَ هَاهُنَا لَا حَفِظَكَ اللَّهُ وَ لَا عَافَاكَ.
وَ كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فُلَانُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ وَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ.
[استعارة أبي عرفاء راية الحضين]
نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ حَيَّانَ الذُّهْلِيِ أَنَّ أَبَا عَرْفَاءَ جَبَلَةَ بْنَ عَطِيَّةَ الذُّهْلِيَّ قَالَ لِلْحُضَيْنِ[3] يَوْمَ صِفِّينَ: هَلْ لَكَ أَنْ تُعْطِيَنِي رَايَتَكَ أَحْمِلْهَا فَيَكُونَ لَكَ ذِكْرُهَا وَ يَكُونَ لِي أَجْرُهَا؟ فَقَالَ لَهُ الْحُضَيْنُ[4]: وَ مَا غِنَايَ يَا عَمِّ عَنْ أَجْرِهَا مَعَ ذِكْرِهَا؟ قَالَ لَهُ: لَا غِنَى بِكَ عَنْ ذَلِكَ أَعِرْها عَمَّكَ سَاعَةً[5]
[1] تعطفت: تثنت و تلوت. و في الأصل و ح:« تقطعت» و الوجه ما أثبت.
[2] ح( 1: 501):« كيف آخذ».
[3] في الأصل:« للحصين» و انظر ما سبق ص 287.
[4] في الأصل:« الحصين» بالصاد المهملة، تحريف.
[5] في الأصل:« أعيرها عنك ساعة» صوابه في ح( 1: 500).