أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَّا وَ قَدْ شَقُوا بِرَأْيِ سَيِّدِهِمْ غَيْرَكُمْ شَقِيَتْ سَعْدُ بْنُ خَرَشَةَ بِرَأْيِ ابْنِ يَثْرِبِيٍّ وَ شَقِيَتْ حَنْظَلَةُ بِرَأْيِ لَحْيَانَ[1] وَ شَقِيَتْ عَدِيٌّ بِرَأْيِ زُفَرَ وَ مَطَرٍ وَ شَقِيَتْ بَنُو عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ بِرَأْيِ عَاصِمِ بْنِ الدُّلَفِ وَ عَصَمَكُمُ اللَّهُ بِرَأْيِي لَكُمْ حَتَّى نِلْتُمْ مَا رَجَوْتُمْ وَ أَمِنْتُمْ مَا خِفْتُمْ وَ أَصْبَحْتُمْ مُنْقَطِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَاءِ لَاحِقِينَ بِأَهْلِ الْعَافِيَةِ وَ إِنِّي أُخْبِرُكُمْ أَنَّا قَدِمْنَا عَلَى تَمِيمٍ الْكُوفَةَ فَأَخَذُوا عَلَيْنَا بِفَضْلِهِمْ مَرَّتَيْنِ بِمَسِيرِهِمْ إِلَيْنَا مَعَ عَلِيٍّ وَ مَيْلِهِمْ إِلَى الْمَسِيرِ إِلَى الشَّامِ ثُمَّ أَخْمَرُوا[2] حَتَّى صِرْنَا كَأَنَّا لَا نُعْرَفُ إِلَّا بِهِمْ فَأَقْبِلُوا إِلَيْنَا وَ لَا تَتَّكِلُوا عَلَيْهِمْ فَإِنَّ لَهُمْ أَعْدَادَنَا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَ حَنَاناً أَنْ تَلْحَقَ[3] فَلَا تُبَطِّئُوا فَإِنَّ مِنَ الْعَطَاءِ حِرْمَاناً وَ مِنَ النَّصْرِ خِذْلَاناً فَحِرْمَانُ الْعَطَاءِ الْقِلَّةُ وَ خِذْلَانُ النَّصْرِ الْإِبْطَاءُ وَ لَا تُقْضَى الْحُقُوقُ إِلَّا بِالرِّضَا وَ قَدْ يَرْضَى الْمُضْطَرُّ بِدُونِ الْأَمَلِ.
وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَعْصَعَةَ وَ هُوَ ابْنُ أَخِي الْأَحْنَفِ-
تَمِيمَ بْنَ مُرٍّ إِنَّ أَحْنَفَ نِعْمَةٌ
مِنَ اللَّهِ لَمْ يَخْصُصْ بِهَا دُونَكُمْ سَعْداً
وَ عَمَّ بِهَا مِنْ بَعْدِكُمْ أَهْلَ مِصْرِكُمْ
لَيَالِيَ ذَمَّ النَّاسَ كُلَّهُمُ الْوَفْدَا
سِوَاهُ لِقَطْعِ الْحَبْلِ عَنْ أَهْلِ مِصْرِهِ
فَأَمْسَوْا جَمِيعاً آكِلِينَ بِهِ رَغَداً
وَ إِعْظَامُهُ الصَّاعَ الصَّغِيرَ وَ حَذْفُهُ
مِنَ الدِّرْهَمِ الْوَافِي يَجُوزُ لَهُ النَّقْدَا
وَ كَانَ لِسَعْدٍ رَأْيُهُ أَمْسِ عِصْمَةً
فَلَمْ يُخْطِ لَا الْإِصْدَارَ فِيهِمْ وَ لَا الْوِرْدَا
[1] في الأصل: «الحيان».
[2] أخمروا، من الإخمار، و هو الستر. أى غلبوا عليهم. و في الأصل: «ثم أحمسوا»، و في الإمامة و السياسة: «ثم انحشرنا معهم».
[3] كذا. و لعلها: «و جنانا لن نلحق». جعلهم كالجن. و الجنان: جمع جان.