قَالُوا فَلَقِيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بَعْدَ ذَلِكَ[1] الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ: أَيْ أَخَا كِنْدَةَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ أَبْصَرْتُ صَوَابَ قَوْلِكَ يَوْمَ الْمَاءِ وَ لَكِنِّي كُنْتُ مَقْهُوراً عَلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ فَكَايَدْتُكَ بِالتَّهَدُّدِ وَ الْحَرْبُ خُدْعَةٌ.
ثُمَّ إِنَّ عَمْراً أَرْسَلَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ خَلِّ بَيْنَ الْقَوْمِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ أَ تَرَى الْقَوْمَ يَمُوتُونَ عَطَشاً وَ هُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْمَاءِ فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ الْقَسْرِيِّ أَنْ خَلِّ بَيْنَ الْقَوْمِ وَ بَيْنَ الْمَاءِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ يَزِيدُ: وَ كَانَ شَدِيدَ الْعُثْمَانِيَّةِ كَلَّا وَ اللَّهِ[2] لَنَقْتُلَنَّهُمْ عَطَشاً كَمَا قَتَلُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
نَصْرٌ عَمْرُو بْنِ شِمْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ تَغْلِبَ السَّدُوسِيَّ يَقُولُ وَ اللَّهِ لَكَأَنِّي أَسْمَعُ الْأَشْتَرَ وَ هُوَ يَحْمِلُ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَوْمَ الْفُرَاتِ وَ هُوَ يَقُولُ
وَيْحَكَ يَا ابْنَ الْعَاصِي
تَنَحَّ فِي الْقَوَاصِي
وَ اهْرُبْ إِلَى الصَّيَاصِي[3]
الْيَوْمَ فِي عِرَاصِ[4]
نَأْخُذُ بِالنَّوَاصِي
لَا نَحْذَرُ التَّنَاصِي[5]
نَحْنُ ذَوِي الْخِمَاصِ[6]
لَا نَقْرَبُ الْمَعَاصِي
فِي الْأَدْرَعِ الدِّلَاصِ
فِي الْمَوْضِعِ الْمُصَاصِ[7].
[1] ح:« بعد انقضاء صفّين».
[2] في الأصل:« كلا و اللّه يا أم عبد اللّه». و هي عبارة تحتمل أن تكون من إقحام الناسخ، أو من تهكم يزيد بن أسد بمعاوية، كما أشار إلى ذلك ناشر الأصل. لكن عدم إثباتها في ح يؤيد أنّها مقحمة في الكتاب.
[3] الصياصى: الحصون و كل شيء امتنع به.
[4] العراص، بالكسر: جمع عرصة، بالفتح، و هي الساحة.
[5] التناصى: أن يأخذ كل منهما بناصية الآخر. و في الأصل:« القصاص» تحريف.
[6] الخماص: الضوامر، أراد بها الخيل.
[7] الدلاص: البراقة الملساء اللينة، تقال للواحد و الجمع. و المصاص، بالضم: أخلص كل شيء.