فقام شريح و معه حميد الشامي و دخل على هانئ و الدماء تسيل على لحيته!فلمّا رأى هانئ شريحا نادى: يا للّه يا للمسلمين!أهلكت عشيرتي؟! فأين أهل المصر؟!تفاقدوا؟!و يخلّوني و عدوّهم و ابن عدوّهم!ثمّ سمع الضجّة على باب القصر فقام إلى شريح و ناداه: يا شريح!إنّي لأظنّها أصوات مذحج و شيعتي من المسلمين؛ إن دخل عليّ عشرة منهم أنقذوني!
و خرج شريح إليهم و قال لهم: إنّ الأمير لمّا بلغه مكانكم و مقالتكم في صاحبكم أمرني بالدخول إليه و أن ألقاكم و أن أعلمكم أنّه حيّ و أنّ الذي بلغكم من قتله كان باطلا، و قد أتيته و نظرت إليه.
فقال ابن الحجاج: فأمّا إذا لم يقتل فالحمد للّه!ثمّ انصرفوا [1] .
موقف مسلم بن عقيل:
لم يكن لابن عقيل أن يبقى ساكتا لا يحرّك ساكنا، و جاءه من بني كثير من الأزد عبد اللّه بن خازم [2] ، فأرسله إلى القصر لينظر إلى ما يصير أمر هانئ فركب فرسا و سار قال: فلمّا ضرب هانئ و حبس ركبت فرسي و انصرفت فإذا بنسوة من مراد مجتمعات ينادين: يا عشيرتاه!يا ثكلاه!فدخلت على مسلم بن عقيل بالخبر.
و كان قد بايعه ثمانية عشر ألفا، و قد ملأ الدور حوله بأربعة آلاف رجل منهم، و أوصاهم بشعار الأنصار يوم بدر: يا منصور أمت!فأمرني أن انادي به فيهم.
[1] تاريخ الطبري 5: 364-368 عن أبي مخنف، و الإرشاد 2: 47-51.