ابن زياد: قد حلّ لنا قتلك!أمسيت حروريا [1] خذوه فألقوه في بيت من بيوت الدار و أغلقوا عليه بابه و اجعلوا عليه حرسا!فأخذوه و حبسوه.
فقام إليه أسماء بن خارجة الفزاري فقال: أنحن رسل غدر اليوم!أمرتنا أن نجيئك بالرجل، حتّى إذا جئناك به و أدخلناه عليك هشّمت وجهه و سيّلت دمه على لحيته و زعمت أنّك تقتله!فقال له ابن زياد: و إنّك لهاهنا!فأمر فدفعوا في صدره و دفعوه حتى حبسوه كذلك!
فقام محمّد بن الأشعث الكندي إلى ابن زياد و هو يقول: إنّما الأمير مؤدّب! و قد رضينا بما يراه، لنا كان أم علينا!ثمّ قال: و لكنّك قد عرفت منزلة هانئ بن عروة و بيته في العشيرة... و هم عمدة عدد أهل اليمن و أعزّ أهل هذا المصر (الكوفة) و قد علم قومه أني و صاحبي (أسماء) سقناه إليك، فانشدك اللّه لما وهبته لي فإنّي أكره عداوة قومه (مذحج و مراد) فلم يهبه له فورا إلاّ أنّه وعده أن يفعل ذلك!
و شاع في مذحج أنّ ابن زياد قد قتل هانئا، فجمع عمرو بن الحجاج الزبيدي جمعا عظيما من مذحج و أقبل بهم حتى أحاطوا بالقصر، و نادى ابن الحجّاج: أنا عمرو بن الحجّاج!و هذه فرسان مذحج و وجوهها لم تخلع طاعة و لم تفارق جماعة!و (إنّما) بلغهم أنّ صاحبهم (هانئا) يقتل فأعظموا ذلك!
و كان شريح القاضي ما زال عند ابن زياد فقال له ابن زياد: قم و ادخل على صاحبهم فانظر إليه ثمّ اخرج فأعلمهم أنّك قد رأيته و أنّه حيّ لم يقتل!
و كان من عبيد أهل الشام مع زياد حميد بن بكير الأحمري، و كان حينئذ من شرطة ابن زياد الذين يقفون عند رأسه، فأرسله ابن زياد مع شريح القاضي يفتح له و يسمع إليه!
[1] أي أصبحت خارجيا مثل الخوارج الأوّلين في قرية حروراء من نواحي الكوفة.