مرّ الخبر: أنّ الإمام عليه السّلام خرج من المدينة ليلة الأحد التاسع و العشرين من شهر رجب [1] فأقبل حتى دخل مكّة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان [2] أي ليلة ذكرى مولده عليه السّلام، دخلها و هو يقرأ: وَ لَمََّا تَوَجَّهَ تِلْقََاءَ مَدْيَنَ قََالَ عَسىََ رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوََاءَ اَلسَّبِيلِ[3] فأقام بمكّة شعبان و رمضان و شوّال و ذا القعدة و إلى الثامن من ذي الحجة [4] فأقبل أهلها يختلفون إليه و يأتونه و من كان بها من المعتمرين و أهل الآفاق.
و كان ابن الزبير بها قد لزم الكعبة، فهو قائم يصلّي عامّة النهار، و يطوف، و يأتي حسينا عليه السّلام فيمن يأتيه، فيأتيه اليومين المتواليين، و يأتيه بين كلّ يومين مرّة؛ و لا يزال يشير عليه برأيه. و كان أثقل خلق اللّه عليه الإمام عليه السّلام!لأنّه عرف أنّ أهل الحجاز لا يبايعونه و لا يتابعونه أبدا ما دام الإمام عليه السّلام بالبلد، و أنّ حسينا عليه السّلام أعظم في أعينهم و أنفسهم و أطوع في الناس منه [5] .
و بلغ خبر ابن الزبير و الحسين عليه السّلام إلى يزيد فتخوّف من ضعف الوليد فبعث عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق أميرا على المدينة [6] و مكّة و الطائف و الحجّ [7] و ذلك في شهر رمضان [8] .
[1] تاريخ الطبري 5: 353 عن أبي مخنف و الإرشاد 2: 35.
[2] تاريخ الطبري 5: 387 عن أبي مخنف، و الإرشاد 2: 35.