الأعلام، غادرهم جنودك مصرّعين في صعيد، مرمّلين بالتراب، مسلوبين بالعراء لا مكفّنين، تسفى عليهم الرياح، و تعاورهم الذئاب، و تنشي بهم عرج الضّباع! حتّى أتاح اللّه لهم أقواما لم يشتركوا في دمائهم، فأجنّوهم (ستروهم) في أكفانهم، و بي-و اللّه-و بهم عززت و جلست مجلسك الذي جلست يا يزيد!
و ما أنس من الأشياء فلست بناس تسليطك عليهم الدّعيّ العاهر ابن العاهر، البعيد رحما، اللئيم أبا و أمّا، الذي في ادّعاء أبيك إيّاه ما اكتسب أبوك به إلاّ العار و الخزي و المذلّة في الآخرة و الأولى، و في الممات و المحيا؛ فإنّ نبيّ اللّه قال: «الولد للفراش و للعاهر الحجر» فألحقه بأبيه كما يلحق بالعفيف النقيّ ولده الرشيد!و قد أمات أبوك السنّة جهلا، و أحيا البدع و الأحداث المضلّة عمدا!
و ما أنس من الأشياء فلست بناس اطّرادك الحسين بن عليّ من حرم رسول اللّه إلى حرم اللّه، و دسّك إليه الرجال تغتاله، فأشخصته من حرم اللّه إلى الكوفة، فخرج منها خائفا يترقّب، و قد كان أعزّ أهل البطحاء بالبطحاء قديما، و أعزّ أهلها بها حديثا، و أطوع أهل الحرمين بالحرمين لو تبوّأ بها مقاما و استحلّ بها قتالا، و لكن كره أن يكون هو الذي يستحلّ حرمة البيت و حرمة الحرم، فأكبر من ذلك ما لم تكبر حيث دسست إليه الرجال فيها ليقاتل في الحرم، و ما لم يكبر ابن الزبير، حيث ألحد بالبيت الحرام، و عرّضه للعائر و أراقل العالم، و أنت-لأنت- المستحلّ فيما أظنّ بل لا شك فيه: أنّك للمحرّف العريف، فإنّك حليف نسوة و صاحب ملاه!فلما رأى (الحسين) سوء رأيك شخص إلى العراق و لم يبتغك ضرابا!و كان أمر اللّه قدرا مقدورا.
ثمّ إنك الكاتب إلى ابن مرجانة أن يستقبل حسينا بالرجال، و أمرته بمعاجلته-و ترك مطاولته-و الإلحاح عليه حتّى يقتله و من معه من بني عبد المطلب: أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا!فنحن أولئك، لسنا كآبائك الأجلاف الجفاة الأكباد، الحمير.