كان يزيد راوية للشعر و شاعرا كما مرّ، و لم نجد له فيما بأيدينا خطبة. و قد مرّ الخبر عن خطبة ابن زياد في المسجد الجامع بالكوفة بعد جلسة القصر، و كأنّ يزيد بدل ذلك أحضر الإمام السجّاد عليه السّلام إلى المسجد الجامع بالشام ضحى قبيل الزوال، و استحضر الناس، و خطيبا أمره أن يخطبهم فيذكر للناس مساوئ الحسين و أبيه عليّ عليهما السّلام و يقرّظ معاوية و يزيد.
فصعد الخطيب المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ أطنب في تقريظ معاوية و يزيد و أكثر الوقيعة في عليّ و الحسين عليهما السّلام!و كان الإمام السجّاد عليه السّلام في هذه الفترة قد تماثل للشفاء، فصاح به:
ويلك أيّها الخاطب!اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق!فتبوّأ مقعدك من النار!
ثمّ التفت إلى يزيد و قال له: يا يزيد (كذا بدون لقب) إئذن لي حتّى أصعد هذه الأعواد فاتكلّم بكلمات فيهنّ للّه رضا، و لهؤلاء الجالسين أجر و ثواب!فأبى يزيد. فقال له بعض الناس: يا أمير المؤمنين!ائذن له ليصعد فلعلّنا نسمع منه شيئا.
فقال لهم: إن صعد المنبر هذا لم ينزل إلاّ بفضيحتي و فضيحة آل أبي سفيان! فقالوا: و ما قدر ما يحسن هذا؟!فقال: إنّه من أهل بيت قد زقّوا العلم زقّا!فلم يزالوا به حتّى أذن له بالصعود [1] .
و قال الإصفهاني الأموي: أمره أن يصعد المنبر فيخطب فيعتذر إلى الناس ممّا كان من أبيه!فصعد المنبر و خطب خطبة طويلة منها: