و كان عابس بن أبي شبيب الشاكري الهمداني الكوفي توافق مع شوذب أحد موالي بني شاكر أن يلتحقا بالإمام عليه السّلام، فالتحقا بالإمام، بلا خبر في كيفية ذلك. فاليوم التفت عابس إلى شوذب و قال له: يا شوذب، ما في نفسك أن تصنع؟ قال: اقاتل معك دون ابن بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى اقتل!قال عابس: ذلك الظنّ بك!فتقدّم بين يدي أبي عبد اللّه حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه و حتّى أحتسبك أنا، فإنّه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به منّي بك لسرّني أن يتقدّم بين يديّ حتّى أحتسبه، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر بكلّ ما قدرنا عليه، فإنّه لا عمل بعد اليوم، و إنّما هو الحساب.
فتقدّم شوذب فسلم على الحسين عليه السّلام ثمّ مضى فقاتل حتّى قتل رحمة اللّه عليه.
ثمّ قال عابس بن أبي شبيب: يا أبا عبد اللّه!أما و اللّه ما أمسى على وجه الأرض قريب و لا بعيد أعزّ عليّ و لا أحبّ إليّ منك، و لو قدرت على أن أدفع عنك الضيم و القتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي و دمي لعملته، السلام عليك يا أبا عبد اللّه، اشهد اللّه أني على هديك و هدي أبيك.
ثمّ مشى بالسيف مصلتا نحوهم و به ضربة على جبينه من قبل [1] ، و أخذ ينادي: ألا رجل لرجل؟!فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة!فرموه بها من كل جانب!فلما رأى ذلك ألقى درعه و مغفره ثمّ شدّ على الناس، فكان يطرد بين يديه أكثر من مئتين من الناس!ثمّ تعطّفوا عليه من كلّ جانب حتّى قتل رحمة اللّه عليه [2] .
[1] تاريخ الطبري 5: 444 عن أبي مخنف، و خلا منه الإرشاد.
[2] تاريخ الطبري 5: 440 عن أبي مخنف، و خلا منه الإرشاد.