صالحا و خبره كله صادقا و ستجده متواضعا في نفسه متذللا لربّه، فذلّ له، و لا تحدثن أمرا دوني، فإنّ الرسول إذا أحدث الأمر من عنده خرج من يدي الذي أرسله. و احتفظ بما يقول لك إذا ردّك إلي، فإنّك إن توهمت أو نسيت جشّمتني رسولا غيرك. و كتب معه إليه:
«باسمك اللّهم، من العبد إلى العبد، أمّا بعد، فأبلغنا ما بلغك، فقد أتانا عنك خبر ما ندري ما أصله، فإن كنت رأيت فأرنا، و إن كنت علّمت فعلّمنا، و أشركنا في كنزك، و السلام» [1] .
و ذكر ابن حجر [2] و ابن الأثير [3] و ابن عبد البر [4] أنّه انتدب عنه رجلين (و لعلهما ابناه: جيش و حليس) فلما وصلا إلى رسول اللّه قالا له: نحن رسولا أكثم ابن صيفي و هو يسألك: من أنت؟و ما أنت؟و بم جئت؟فقال صلّى اللّه عليه و آله: أنا محمد بن عبد اللّه، و أنا عبد اللّه و رسوله. ثم تلا هذه الآية: إِنَّ اَللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسََانِ وَ إِيتََاءِ ذِي اَلْقُرْبىََ وَ يَنْهىََ عَنِ اَلْفَحْشََاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[5] .
و ذكروا: أنّ رسول اللّه كتب إليه:
«من محمد رسول اللّه إلى أكثم بن صيفي، أحمد اللّه إليك. إنّ اللّه تعالى أمرني أن أقول: لا إله إلاّ اللّه، و أمر الناس بقولها، و الخلق خلق اللّه، و الأمر كله للّه، خلقهم و أماتهم، و هو ينشرهم و إليه المصير. أدبتكم بآداب المرسلين، و لتسألنّ عن النبأ العظيم، و لتعلمنّ نبأه بعد حين» .