و ثنّاه بخبر آخر أسنده الى سعد بن أبي وقاص قال: إنّ رجلا من الأنصار صنع طعاما و دعانا، فأتاه ناس-و كان ذلك قبل أن يحرّم الخمر-فأكلوا و شربوا من الخمر حتى انتشوا!فتفاخروا، فقالت الأنصار: الأنصار خير، و قالت قريش: قريش خير، فأهوى رجل بلحي جزور على أنفي ففزره، فأتيت النبي صلّى اللّه عليه و آله فذكرت ذلك له، فنزلت الآية: يََا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصََابُ وَ اَلْأَزْلاََمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطََانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*`إِنَّمََا يُرِيدُ اَلشَّيْطََانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ اَلْعَدََاوَةَ وَ اَلْبَغْضََاءَ فِي اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللََّهِ وَ عَنِ اَلصَّلاََةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[1] .
يظهر من الخبر أن سعدا كأنّه أحسّ بسعادة الحظّ لحظر الخمر على أثر فرز أنفه بلحي جزور بيد رجل من الأنصار انتصارا لهم على المهاجرين من قريش و منهم سعد و يقول: ذلك قبل أن تحرّم الخمر... فنزلت الآية من سورة المائدة، النازلة بعد حجة الوداع في العاشرة من الهجرة، فهل كان كذلك؟
و قد أخرج الخطيب عن عائشة قالت: لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر، فنهى رسول اللّه عن ذلك [2] و تعني الآية (219) : يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ قُلْ... .
[1] الدر المنثور 2: 315 و 317، 318، و اختصر خبره الطوسي في التبيان 4: 18، و رواه الطبرسي في مجمع البيان عن ابن عباس مختصرا، و في أسباب النزول للواحدي: 168، عن صحيح مسلم، و فيه: المهاجرون بدل الأنصار.
[2] أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 8: 358، و عنه السيوطي في الدر المنثور 1: 252، و به قال الحسن البصري كما عنه في مجمع البيان 2: 558، و الجصاص في أحكام القرآن 1: 380.