و سار حتى بلغ الصّهباء على اثني عشر ميلا، فمال إلى دومة هناك. و أراد أن يعرّس بها هناك، فطاوعته.
قال أنس: فقال رسول اللّه[لامّي]أمّ سليم انظري صاحبتك هذه، فامشطيها، قال أنس: و لم يكن معنا سرادقات و لا فساطيط، فأخذت[امّي]أمّ سليم كساءين و عباءتين فشدتها إلى شجرة فتستّرت بها. و جاءت بصفية فأدخلتها الستر، و مشّطتها و عطّرتها [1] .
و أولم رسول اللّه يومئذ لها بالتمر و السّويق و الحيس [2] على بسط الأديم.
و ادخلت عليه مساء تلك الليلة. فقال لها رسول اللّه: ما حملك على ما صنعت حين أردت أن أنزل[بك]بثبار؟فقالت: يا رسول اللّه، خفت عليك قرب اليهود، فلما بعدت أمنت. و علم النبيّ أنها قد صدقته فزادها ذلك خيرا عند النبيّ [3] .
قال ابن اسحاق: و بات أبو أيّوب خالد بن زيد الأنصاري من بني النجّار، متوشّحا سيفه يطيف بالقبة يحرس رسول اللّه حتى أصبح، فلما أصبح رسول اللّه و رأى مكانه قال له: مالك يا أبا أيوب؟فقال: يا رسول اللّه، خفت عليك من هذه المرأة، و كانت امرأة قد قتلت أباها و زوجها و قومها، و كانت حديثة عهد بالكفر، فخفتها عليك!فزعموا أنّ رسول اللّه قال: اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني [4] .
[1] و في ابن هشام 3: 354: لما أعرس رسول اللّه بصفية، أصلحت من أمرها و مشّطتها و جمّلتها لرسول اللّه أمّ سليم أمّ أنس بن مالك.
[2] الحيس: خليط الأقط و السمن بالتمر، كما في النهاية 1: 274.