و زاد المفيد في مقاصد إيفاده عليه السّلام قال: أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إيفاده الى اليمن ليعلّمهم الأحكام، و يعرّفهم الحلال و الحرام، و يحكم فيهم بأحكام القرآن و الإسلام، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: يا رسول اللّه، تنفذني للقضاء و أنا شاب و لا علم لي بكل القضاء؟فقال له: ادن منّي. فدنا منه فضرب بيده على صدره و هو يقول: اللهم اهد قلبه، و ثبّت لسانه [1] و فهّمه القضاء، و قال له: إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأوّل حتى تسمع من الآخر، فإنّك إذا فعلت ذلك تبيّن لك القضاء [2] .
و قال له: يا علي، لا تقاتلنّ أحدا حتى تدعوه، و ايم اللّه لئن يهدي اللّه على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس و غربت، و لك ولاؤه يا علي [3] يعني تكون واليه و وارثه إذا لم يكن له وارث مسلم [4] . فهو وارث من لا وارث له وكيلا من قبل النبي صلّى اللّه عليه و آله.
و قال له: يا علي، اوصيك بالدعاء فإن معه الإجابة، و بالشكر فإنّ معه المزيد، و إيّاك أن تخفر عهدا أو تعين عليه، و أنهاك عن المكر، فإنّه «لا يحيق المكر السيّئ إلاّ بأهله، و أنهاك عن البغي، فإنّه من بغي عليه لينصرنّه اللّه» [5] .
ثم أمره أن يعسكر بقباء، فعسكر بها حتى يجتمع معه أصحابه. ثم عقد له
[1] الارشاد 1: 194، 195 و بهامشه مصادر عديدة، و إعلام الورى 1: 258 و بهامشه مصادر اخرى كثيرة.
[2] كتاب من لا يحضره الفقيه 3: 13 ح 3238، ط. الغفّاري، و في البداية و النهاية: أنّه قالها له ذلك عند بعثه الى اليمن، كما عنه في سيرة المصطفى: 679.
[3] الكافي 5: 8 ب 1 ح 14 و: 36 ب 14 ح 4، و الفقيه 2: 173 ب 67 ح 2، و التهذيب 6: 141 ب 62 ح 2.