ادع بفضل زادهم ثم اجمعها فادع اللّه فيها بالبركة-كما فعلت حيث أرملنا في الحديبية-فان اللّه عزّ و جل يستجيب لك!فأمر أن ينادوا الناس بذلك. فنادى منادي رسول اللّه: من كان عنده فضل من زاد فليأت به!
و أمر رسول اللّه فبسطت الانطاع (الجلود المدبوغة للمائدة) فجعل الرجل يأتي بالمدّ من الدقيق و التمر و السويق، و القبضة منها، و كسر الخبز، فيوضع كل صنف من ذلك على حدة، و كل ذلك ثلاثة أفراق (تسعة أصواع-26 كغم) ثم قام النبي فتوضأ و صلّى ركعتين، ثم دعا اللّه عزّ و جل أن يبارك فيه.
ثم نادى مناديه: هلمّوا الى الطعام خذوا منه حاجتكم!فأقبل الناس و جعلوا يتزوّدون الزاد، و كل من جاء بوعاء او جراب ملأه دقيقا و سويقا و خبزا!و كانت الأنطاع تفيض بما عليها حتى انتهوا و رسول اللّه واقف عليهم يقول: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّي عبده و رسوله، و أشهد انّه لا يقولها أحد من حقيقة قلبه إلاّ وقّاه اللّه حرّ النار [1] .
و رواه الراوندي فقال: شكوا إليه نفاد زادهم فقال: من كان عنده شيء من تمر أو دقيق او سويق فليأتني به. فجاء أحدهم بدقيق و الآخر بكفّ سويق، فبسط رداءه فجعلا ذلك عليه، فوضع احدى يديه على احداهما و الاخرى على الاخرى، ثم قال: نادوا في الناس: من أراد الزاد فليأت!فأقبل الناس يأخذون حتى ملئوا جميع ما كان معهم من الأوعية و ذلك الدقيق و السويق على حاله ما زاد و لا نقص من واحد منهما شيء على ما كان عليه [2] .
[1] مغازي الواقدي 2: 1037-1039. عن أربعة من الصحابة: أبي هريرة و أبي زرعة الجهني و أبي حميد الساعدي و سهل بن سعد الساعدي.