بعديم العقل و الرأي، فانظر هل ينبغي لمن لا يكذب في الدنيا أن لا نصدّقه؟و لمن لا يخون أن لا نأتمنه؟و لمن لا يخلف أن لا نثق به؟!فان كان هكذا فهذا هو النبيّ الامّي الذي-و اللّه-لا يستطيع ذو عقل أن يقول: ليت ما أمر به نهى عنه، أو ما نهى عنه أمر به.
و في يوم الجواب قال له المنذر: قد نظرت في هذا الذي في يدي فوجدته للدنيا دون الآخرة، و نظرت في دينكم فرأيته للآخرة و الدنيا، فما يمنعني من قبول دين فيه امنية الحياة و راحة الموت؟!و لقد عجبت أمس ممّن يقبله، و عجبت اليوم ممّن يردّه!و إن من إعظام من جاء به أن يعظّم رسوله، ثم أسلم [1] .
و كان النظام الساساني الايراني الفارسي قد استعمل معه على البحرين مندوبا ساميا عنهم ناظرا على الأمير المنذر يسمّى بالفارسية: سيبخت (-حظّ التفّاح) و لأن البحرين كانت تعتبر يومئذ ثغر الحدود الايرانية لذلك كان يقال له (مرزبان-حامي ثغر البحرين) و كأنه صلّى اللّه عليه و آله كان قد كتب مع العلاء بن الحضرمي إليه كتابا آخر كذلك يدعوه فيه إلى الاسلام، فأسلم هو أيضا، إلاّ أنه لم يصلنا نصّ كتابه [2] .
و كما اتّفق هذا الأمير العربي مع المندوب الفارسي على الاسلام، اتّفقا على أن يجمعوا أهل البحرين فيقرءوا لهم كتاب رسول اللّه إليهم، ففعلوا، فمنهم من أعجبه الاسلام و أحبّه و دخل فيه، و منهم من لم يدخل.
فكتب المنذر جواب كتاب النبيّ إليه قال: «يا رسول اللّه، أما بعد، فاني قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحبّ الاسلام و أعجبه و دخل فيه،