اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّ بن أبي طالب (رضوان اللّه عليه) فقال له: يا علي، اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم، و اجعل أمر الجاهلية تحت قدميك. (و بعث معه بمال) .
فخرج علي عليه السّلام و معه المال الذي بعث به معه رسول اللّه، فودى لهم الدماء و ما اصيب لهم من الأموال، حتى انه ليدي ميلغة الكلب [1] حتى لم يبق شيء من دم و لا مال إلاّ وداه، و بقيت معه من المال بقية، فقال لهم: هل بقي لكم بقية من دم أو مال لم يود لكم؟قالوا: لا، قال: فانّي اعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول اللّه مما لا يعلم و لا تعلمون.
ثم رجع إلى رسول اللّه فأخبره الخبر، فقال له: أصبت و أحسنت. ثم قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه حتى أنه ليرى ما تحت منكبيه يقول ثلاث مرات: اللهم إنّي أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد [2] .
و قال الواقدي: فلما رجع عليّ عليه السّلام دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما صنعت يا علي؟فقال: يا رسول اللّه، قدمنا على قوم مسلمين قد بنوا المساجد بساحتهم، فوديت لهم كلّ من قتل خالد حتى ميلغة الكلاب، ثم بقي معي بقية من المال فقلت لهم: هذا من رسول اللّه مما لا يعلمه و لا تعلمونه. فقال رسول اللّه:
و روى الصدوق في «الخصال» بسنده عنه عليه السّلام قال: فذهبت فوديتهم ثم ناشدتهم باللّه: هل بقي شيء؟فقالوا: إذ نشدتنا باللّه فميلغة كلابنا و عقال بعيرنا.
فأعطيتهم لهما، و بقي معي ذهب كثير فأعطيتهم إياه و قلت: هذا لذمّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
[1] الميلغة: إناء خشبيّ لولوغ الكلاب عند الرعاة و أهل البوادي.