و آخر ما كان بين خزاعة و بني بكر أن عدت خزاعة على سلمى و كلثوم و ذؤيب أبناء الأسود الدّيلي من بني بكر من أشراف كنانة فقتلوهم في عرفات، قرب علائم حدود الحرم، قبيل الإسلام بقليل، ثم تشاغلوا بالإسلام فحجز بينهم [1] فتجاوزوا و كفّ بعضهم عن بعض من أجل الإسلام، و هم على ما هم عليه من العداوة في أنفسهم، إلاّ أنه قد دخل الإسلام عليهم جميعا فأمسكوا [2] . غ
و انتصرت خزاعة لرسول اللّه:
و على رأس اثنين و عشرين شهرا من صلح الحديبية و قبل شهر شعبان [3] ، قعد أنس بن زنيم الدّيلي يروي هجاء رسول اللّه، فسمعه غلام من خزاعة فقال له:
لا تذكر هذا!قال: و ما أنت و ذاك؟!فقال: لئن أعدت لأكسرنّ[فاك]فأعادها الدّيلي، فوقع عليه الخزاعي فشجّه. فخرج الدّيلي إلى قومه فأراهم شجّته، فثار الشرّ بينهم [4] .
و أراد نوفل بن معاوية الدّيلي-و هو قائد بني الدّيلي من بني بكر من كنانة- أراد أن يثأر من خزاعة لمن قتلوه قبيل الإسلام من أبناء الأسود الدّيلي: ذؤيب و سلمى و كلثوم. فأبى عليه بعض بني بكر و تابعه بعضهم، و منهم بنو نفاثة من بني بكر، فكلّموا أشراف قريش أن يعينوهم بالسلاح و الرجال لقتال عدوّهم من خزاعة، و ذكّروهم بالقتلى منهم على يد خزاعة، و بدخولهم في عقدهم و عهدهم، و أنّ خزاعة انحازت إلى عقد محمد و عهده.