و آليت لا آوي لها من كلالة # و لا من حفيّ حتّى تلاقي محمّدا
متى ما تناخي عند باب ابن هاشم # تراحي، و تلقي من فواضله ندى
نبيّا يرى ما لا ترون و ذكره # أغار لعمري في البلاد و أنجدا
له صدقات ما تغبّ و نائل # و ليس عطاء اليوم مانعه غدا [1]
و لذلك قال السهيلي في «الروض الانف» إن صحّ خبر الأعشى فلم يكن هذا بمكّة و إنّما كان بالمدينة، و في القصيدة ما يدلّ على هذا قوله: «فإن لها في أهل يثرب موعدا» . و قد ألفيت للقالي رواية عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: لقي الأعشى عامر بن الطفيل في بلاد قيس و هو مقبل إلى رسول اللّه، فذكر انّه يحرّم الخمر فرجع. فهذا أولى بالصواب. و هذه غفلة من ابن هشام و من قال بقوله، فإنّ الناس مجمعون على أنّ الخمر لم ينزل تحريمها إلاّ بالمدينة بعد أن مضت بدر و احد، و حرّمت في سورة المائدة، و هي من آخر ما نزل [2] .
و لكنّها و إن كان من المسلّم به نزولها في أواخر عهد الوحي، لكن من المسلّم به أيضا أنّها لم تنزل دفعة واحدة، فإنّ في خلالها آيات لا شبهة في نزولها قبل ذلك بكثير، و يشهد بذلك مضامينها و ما ورد فيها من أسباب النزول [3] . غ
غزوة بني لحيان:
و قبل قصّة بطن الرجيع كانت قصّة بئر معونة بدعوة أبي براء الخزاعي العامري و خيانة بني لحيان من هذيل و بيعهم خبيب بن عدي و زيد الدثنة إلى أهل مكّة و قتلهم هناك.