إنّ عقائد جميع امم العالم كانت حين طلوع فجر الإسلام خليطا بأنواع من الخرافات و الأساطير، فالأساطير الساسانية و اليونانية كانت تسود على أفكار امم كانت تعدّ من أرقى أمم العالم يومذاك. و حتى اليوم يوجد بين امم العالم خرافات كثيرة لا تستطيع الحضارة الحاضرة أن تنفيها من حياة الناس.
و قد سجّل التأريخ خرافات و أساطير كثيرة للناس في شبه جزيرة العرب، جمع كثيرا منها السيد محمود الآلوسي في كتاب أسماه «بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب» مع ذكر شواهد لها من الشعر الجاهلي و غيره، بمراجعة هذا الكتاب و مثله يواجه المرء شيئا كثيرا من الخرافات قد ملأت عقول العرب الجاهليين، و كانت هذه الأساطير احدى عوامل التخلف فيهم عن سائر امم العالم آنذاك، و كانت كذلك أكبر سدّ أمام تقدّم الإسلام فيهم أيضا، و لهذا كان النبي صلّى اللّه عليه و آله يسعى جاهدا أن يحبط تلك الأساطير و الأوهام من آثار الجاهلية، فحينما أرسل «معاذ بن جبل» الى اليمن أمرة قائلا:
«و أمت الجاهلية الاّ ما سنّه الإسلام، و أظهر أمر الإسلام كلّه صغيره و كبيره» [2] .