نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 61 صفحه : 456
قال نجاح ، وهمّ بأن يدعو به ليناظرهم ، فقال له عبيد الله : يا سيدي ، قد كتب إليّ يعتذر ، ويزعم أن النبيذ حمله على ما كان منه ، وهذه رقعته بذلك وهؤلاء خدم أمير المؤمنين ، فإذا حدث عليهم حادثة لم يؤخذ منهم عوض ، وهم أصحاب المملكة والمتصرفون فيها ، فإذا أوقع بهم فمن يقوم بالأعمال؟ ونجاح ، فإنما بذل أن يضمن هذه الجماعة لينفرد وحده ، ويتمكن من كتاب المملكة وهم يضمنونه وحده بما بذل عنهم جميعا لا يزول عن المملكة إلا كاتب واحد ، فاغتاظ المتوكل وقال : إنا كذبني [١] وغرني ، وتقدم بتسليمه إليهم ، وأن يخلع عليهم ، فانصرفوا وهو [٢] بين أيديهم ، فجمعهم بينهم صدرا من المال مال الضمان وحملوه ، لأن مال نجاح لم يكن يفي [٣] بما ضمنوه عنه ، وبسطوا عليه الضرب والعسف والتضييق.
وسأل المتوكل عنه الفتح مرات ، وبلغ الخبر ، خبر ضربهم إياه ، فقال لعبيد الله إن أمير المؤمنين قد سألني عن نجاح ثلاث دفعات ، وقد وقفت على ضربكم إياه ، ولست آمن أن يتلف فينكر عليّ تركي تعريفه خبره ، ولا بد من إخباره به ، فدفعه عن ذلك ، فلم يندفع ، فقال له : أنت أعلم ، فخبر المتوكل ـ وقد سأل عنه ـ أنه مضيق عليه ، مضروب مقيد ، فقال المتوكل : لا ، ولا كرامة ، تقدم بإحضار الحسين بن إسماعيل ابن أخي إسحاق بن إبراهيم ـ وكان يتقلد الشرطة ـ بحضرته ، فقال له : اقبض على نجاح فاجعله عندك ، ووسع عليه ، ولا يوصل إليه سوء إلّا بإذني ، ففعل ذلك وحماه ، فلما رأت الجماعة ذلك أيقنت بالهلاك ، ولم يشك أن نجاحا سيعمل الحيلة عليهم ، فجعلوا يفكرون في الاحتيال عليه إلى أن وجدوا عملا عمله في وقت من الأوقات الحسين بن إسماعيل في وقت تقلده فارس ، ألزمه فيه عشرين ألف ألف درهم.
وقد حكي [لي][٤] من جهة أخرى : أنهم زوروا [٥] العمل ، وادّعوا على نجاح ، فلما وقع في أيديهم أحضروا الحسين ، فأقرءوه العمل ثم قالوا له : أيما أحب إليك نجاح أم نفسك؟ إما كفيتناه وإما أنفذنا هذا إلى أمير المؤمنين حتى يتقدم بمطالبتك به ، فقال لهم [٦] : قد كفيتم.
وانصرف إليه ، فوضع عليه فقتله في يوم الاثنين لثمان بقين من ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائتين ، فلما عرفوا خبره صاروا إلى المتوكل ليخبروه بأنه قد مات وهم وجلون مما