نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 61 صفحه : 455
وليس يجد من يأخذه ، فقال له : عند من ويلك؟ قال : ابن مخلد ، وميمون بن إبراهيم ، ومحمد بن موسى المنجم ، وكان يتقلد الزرع والهندسة في الآفاق ، وأحمد بن موسى ، وكان قد تقلد أعمالا كثيرة ، وكان يتقلد في ذلك الوقت خبر سرّ من رأى. قال : فقال المتوكل : فما عندك في عبيد الله بن يحيى؟ فسكت ، فأعاد عليه القول ، وقال : بحياتي قل له ما عندك فيه.
فقال : قد أحلفتني بحياتك ، ولا بد من صدقك : قد كان على طريقة مستقيمة حتى صاغ صوالجة وكرات من ثلاثين ألف درهم ، فقلت له : أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ، يضرب بكرة جلود وصولجان خشب ، وأنت تريد أن يكون ذلك من فضة؟.
فالتفت إلى الفتح ، فقال : يا فتح ، ابعث فأحضرهم كلهم.
فكتب الفتح بالخبر إلى عبيد الله على ما جرى ، ووجه [١] إلى الجماعة في الحضور ، فحضرت ، وتشاورت بينها [٢] ورأت أنها قد بليت من نجاح ببلية لا تقاوم ، فاتفقت على البعثة إليه بأحمد بن إسرائيل برسالتهم معاتبا على ما قال ومقبحا ما أتى ، فمضى إليه أحمد وأدى الرسالة عن الجماعة ، فقال : يا جعفر [٣] ، وتلومني على ما فعلت ، وقد تركت الكتابة ، وسمحت بمفارقة الصناعة ، وصرت نديما وملهيا ، وهم لا يدعون الطعن على قطائعي ... [٤] ، وأذاني في ضياعي [٥] ، ومعارضتي في سائر أموري ، والله الذي لا إله غيره لا فارقتهم أو أتلفهم أو أتلف.
قال : فانصرف أحمد بن إسرائيل إلى عبيد الله [٦] والجماعة ، فعرفهم الخبر ، فقال عبيد الله : قد صدق في كل ما قال ، فتضمّن له عني كل ما يجب ، واحتل في أن تأخذ رقعته إليّ بالذي جرى منه على جهة الغلط ، ومن حمل النبيذ له على ذلك ، وأنه سيصلح ما أفسد ، ويسعى [٧] في إزالة ما وقع بقلب أمير المؤمنين ، فرجع إليه أحمد وتلطف له ، وتضمن له ولم يبرح حتى أخذ رقعته بذلك ، ثم دخلوا جميعا إلى المتوكل ، فلما وقفوا بين يديه قال لهم ما