responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 61  صفحه : 19

جلس في مجلسه على شاطئ النيل ، فبصر بالتابوت ، فقال لمن حوله من خدمه ، ائتوني بهذا التابوت ، فأتوه به ، فلمّا وضع بين يديه فتحوه فوجد فيه موسى ، فلمّا نظر إليه فرعون قال : عبراني من الأعداء ، فغاظه ذلك ، وقال : كيف أخطأ هذا الغلام الذبح؟ وكان فرعون قد استنكح امرأة من بني إسرائيل يقال لها آسية بنت مزاحم [١] ، وكانت من خيرا النساء ، ومن بنات الأنبياء ، وكانت أمّا للمسلمين ، ترحمهم ، وتتصدق عليهم ، وتعطيهم ، ويدخلون عليها ، فقالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه : هذا الوليد أكبر من ابن سنة ، وإنّما أمرت أن تذبح الغلمان لهذه السنة ، فدعه يكن (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ، لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)[٢] بأن هلاكهم على يديه ، فاستحياه فرعون وومقه ، وألقى الله عليه محبته ورأفته ، وقال لامرأته : عسى أن ينفعك ، فأما أنا فلا أريد نفعه.

قال وهب : قال ابن عباس :

لو أنّ عدو الله قال في موسى كما قالت آسية ، عسى أن ينفعنا ، لنفعه الله به ، ولكنه أبى ، للشقاء الذي كتبه الله عليه. وحرّم الله المراضع على موسى ثمانية أيام ولياليهن ، كلما أتي بمرضعة لم يقبل ثديها ، فرقّ فرعون إليه ورحمه ، وطلب له المراضع ، وذكر وهب حزن أم موسى وبكاءها عليه حتى كادت أن تبدي به [٣] ، ثم تداركها الله برحمته ، وربط على قلبها [٤] ، وقالت لأخته [٥] : تنكري واذهبي مع الناس فانظري ما ذا يفعلون به ، فدخلت أخته مع القوابل على آسية بنت مزاحم ، فلمّا رأت وجدهم بموسى وحبّهم له ، ورقّتهم عليه قالت : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ)[٦] إلى أن ردّ إلى أمّه ، فمكث موسى عند أمّه إلى أن فطمته ، ثم ردّته فنشأ موسى في حجر فرعون وامرأته يربيانه بأيديهما واتخذاه ولدا ، فبينا هو يلعب يوما بين يدي فرعون وبيده قضيب له يلعب به إذ رفع القضيب فضرب به رأس فرعون ، فغضب فرعون وتطيّر من ضربه حتى همّ بقتله ، فقالت آسية : أيها


[١] هي آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد ، وقيل : إنها كانت من بني إسرائيل من سبط موسى. وقيل بل كانت عمة موسى ، كما حكاه السهيلي (البداية والنهاية ١ / ٢٧٦).

[٢] سورة القصص ، الآية : ٩.

[٣] أي أنها كادت أن تظهر أمره ، وتفضح سره ، وتسأل عنه جهرة.

[٤] يعني أن الله صبرها وثبتها على موقفها ، دون إفشاء سره.

[٥] جاء في تفسير القرطبي أن اسمها مريم بنت فرعون ، وقال الضحاك : كلثمة. وقال السهيلي : كلثوم.

[٦] سورة القصص ، الآية : ١٢.

نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 61  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست