نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 61 صفحه : 18
ولم يظهر لها لبن [١] ، فقالوا لها : ما أدخل عليك القابلة؟ قالت : هي مصافية لي ، فدخلت علي زائرة ، فخرجوا من عندها ، فرجع إليها عقلها ، فقالت لأخت موسى : فأين الصبي؟ قالت : لا أدري ، فسمعت صوت بكاء الصبي من التنور ، فانطلقت إليه وقد جعل الله النار عليه بردا وسلاما ، فاحتملت الصبي ، قال ابن عباس : فأرضعته ، وذلك قول الله : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى)[٢] بعد ذلك ، وإنما كان هذا الوحي إلهاما من الله [٣](أَنْ أَرْضِعِيهِ) ، قال : فأرضعته ولا تخاف شيئا ، فذلك قوله تعالى : (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ) فاجعليه في التابوت ثم اقذفيه في اليم (وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)[٤].
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبّار بن محمّد بن أحمد الفقيه ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد ابن محمّد ، أنا أبو الحسن بن أبي نصر السوادي ، نا محمّد بن عبد الله بن نعيم ، أنا الحسن ابن محمّد الإسفرايني ، نا محمّد بن أحمد بن البراء ، أنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه قال :
لما حملت أم موسى بموسى ، كتمت أمرها جميع الناس ، فلم يطّلع على حبلها أحد من خلق الله ، وذلك شيء ستره الله لما أراد أن يمنّ به على بني إسرائيل ، فلمّا كانت السنة التي يولد فيها موسى بعث فرعون القوابل ، وتقدم إليهن يفتشن النساء تفتيشا لم يفتشنه [٥] قبل ذلك ، وحملت أم موسى بموسى ، فلم ينب بطنها ولم يتغير لونها ، ولم يظهر لبنها ، وكانت القوابل لا يعرضن لها ، فلمّا كانت الليلة التي ولد فيها موسى ، ولدته أمه ولا رقيب عليها ولا قابلة ، ولم يطّلع أحد إلّا أخته مريم ، وأوحى الله إليها (أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ) الآية ، قال : فكتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرك ، فلما خافت عليه عملت له تابوتا مطبقا ، ومهدت له فيه ، ثم ألقته في البحر ليلا كما أمرها الله [٦] ، فلما أصبح فرعون
[٣] اختلفوا في كيفية نزول الوحي على أم موسى ـ خاصة أنهم أجمعوا على أنها لم تكن نبية ـ فقالت فرقة : كان قولا في منامها. وقال قتادة : كان إلهاما ، وقالت فرقة : كان بملك يمثل لها. قال مقاتل : أتاها جبريل بذلك. قال القرطبي : فعلى ذلك هو وحي إعلام لا إلهام. وقال ابن كثير : هو وحي إلهام وإرشاد وليس هو وحي نبوة كما زعم ابن حزم وغير واحد من المتكلمين. انظر تفسير القرطبي ١٣ / ٢٥١ والبداية والنهاية ١ / ٢٧٦.