نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 54 صفحه : 353
خير [١] ، قال : كذبت والله لهو أصدق منك وأبرّ. ذكرته وذكرت أباه ، فو الله ما بين لابتيها أفضل من أبيه ؛ وما جرى بينك وبينه؟ قال : سألته يا أمير المؤمنين عن شيء بلغني كان أبوه يقوله بعد القنوت ، قال : لا أعرفه. فعلمت أن ذاك مقت منه لنا ولدولتنا ، فأجبته بالذي بلغك. قال له عبد الملك : أسأت ولؤمت [٢]. والله لو لا أبوه وابن عمه لكنا حيارى ضلّالا ، وما أنبت الشعر على رءوسنا إلّا الله وهم ، وما أعزنا بما ترى إلّا رحمهم وريحهم الطيبة ، والله لا كلمتك كلمة أبدا ، أو تجيئني بالرضا منه ، وتسلّ سخيمته. قال : فمضى الحجاج من فوره ، فألفاه وهو يتغدى مع أصحابه ، قال : فاستأذن فأبى أن يأذن له ، فقال بعض أصحابه : إنه أتى برسالة أمير المؤمنين ، فأذن له ، فقال : إن أمير المؤمنين أرسلني أن أسلّ سغيمتك ، وأقسم أن لا يكلمني أبدا حتى آتيه بالرضي منك ، وأنا أحب ، برحمك من رسول الله 6 إلّا عفوت عني عما كان ، وغفرت ذنبا إن كان. قال : قد فعلت على شريطة فتفعلها ، قال : نعم ، قال : على صرم الدهر. قال : ثم انصرف الحجاج ، فدخل على عبد الملك ، فقال ما صنعت؟ قال جئت برضاه وسللت سخيمته وأجاب إلى ما أحب وهو أهل ذلك. قال : فأبى شيء آخر ما كان بينك وبينه؟ قال : رضي على شريطة ، على صرم الدهر ، فقال : شنشنة أعرفها من أخزم [٣] ، انصرف.
فلما كان من الغد دخل ابن الحنفية على عبد الملك فقال له : أتاك الحجاج؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : فرضيت وأجبته؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال ثم مال إليه فقال : هل تحفظ ما سألك عنه؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، وما منعني أن أبثه إياه إلّا مقتى له فإنه من بقية ثمود. فضمك عبد الملك ثم قال يا سليمان ـ لغليم له ـ هات دواة وقرطاسا ، قال : فكتب بخطه :
بسم الله الرّحمن الرحيم ، كان أمير المؤمنين رضياللهعنه إذا فرغ من وتره رفع يديه [٤] إلى السماء [وقال :][٥] اللهمّ حاجتي العظمى التي إن قضيتها لم يضرّني ما منعتني ، [وإن منعتني][٦] لم ينفعني ما أعطيتني ، فكّاك الرقاب ، فكّ رقبتي من النار ، ربّ ما أنا إن تقصد