نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 48 صفحه : 370
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا عبد الوهّاب الميداني ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر [١] ، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنبأنا أبو جعفر الطبري [٢] قال :
ذكر أنّ الفضل بن مروان ـ وهو رجل من أهل البردان ـ كان متصلا برجل من العمّال يكتب له ، وكان حسن الخطّ ، ثم صار مع كاتب كان للمعتصم يقال له يحيى الجرمقاني ، وكان الفضل بن مروان يخطّ بين يديه ، فلما مات الجرمقاني صار الفضل في موضعه ، وكان يكتب للفضل علي بن حسان الأنباري ، فلم يزل كذلك حتى بلغ المعتصم الحال التي بلغها والفضل كاتبه ، ثم خرج معه [٣] إلى معسكر المأمون ، ثم خرج [معه][٤] إلى مصر ، فاحتوى على أموال مصر ، ثم قدم الفضل قبل موت المأمون بغداد ، ينفذ أمور المعتصم ويكتب على لسانه ما أحبّ ، حتى قدم المعتصم خليفة ، فصار الفضل صاحب الخلافة ، وصارت الدواوين كلها تحت يديه ، وكنز الأموال ، وقدم أبو إسحاق حين دخل بغداد يأمره بإعطاء المغني ، والملهي [٥] ، فلا ينفّذ الفضل ذلك ، فثقل على أبي إسحاق.
فحدّثني إبراهيم بن جهرويه [٦] : أن إبراهيم المعروف بالهفتي ـ وكان مضحكا ـ أمر له المعتصم ، قال : فتقدّم إلى الفضل بن مروان في إعطائه ، فلم يعطه الفضل شيئا مما أمر له به المعتصم ، فبينا الهفتي [٧] يوما [٨] عند المعتصم بعد ما بنيت داره التي ببغداد ، واتّخذ له فيها بستان ، قام المعتصم يتمشّى في البستان ينظر إليه ، وإلى ما فيه من أنواع الرياحين والغروس ومعه الهفتي وكان الهفتي يصحب المعتصم قبل أن تفضي إليه الخلافة ، فيقول له فيما يداعبه : والله لا نفلح أبدا ، وكان الهفتي [٩] رجلا مربوعا ، والمعتصم رجلا معرّقا [١٠] ، خفيف اللحم ، فجعل المعتصم يسبق الهفتي [١١] في المشي ، فإذا تقدمه ولم ير الهفتي [١٢] معه التفت إليه فقال :