نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 42 صفحه : 429
عندي رأيا ، وإنّ لكم نظرا ، إنّ حابيا خير من زاهق ، وإن جرعة شروب أنفع من عذب موب ، وإن الحيلة بالمنطق [١] أبلغ من السيوف في الكلم ، فلا تطيعوا الأعداء وإن قربوا ، ولا تفلّوا المدي بالاختلاف بينكم ، ولا تغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا ثأركم ، وتولتوا أعمالكم ، لكلّ أجل كتاب ، ولكلّ بيت إمام ، لأمره يقومون ، وبنهيه يرعون ، قلّدوا أمركم رحب الذراع فيما تزل ، مأمون الغيب على ما استكن ، يقترع منكم وكلكم منتهى ، ومرتضى منكم وكلكم رضا.
فتكلم علي فقال : الحمد لله الذي اتّخذ محمّدا منا نبيا وابتعثه إلينا رسولا ، فنحن بيت النبوة ومعدن الحكمة أمان لأهل الأرض ، ونجاة لمن طلب ، لنا حق إن نعطه [٢] نأخذه ، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل ، وإن طال السّرى [٣] ؛ لو عهد إلينا رسول الله 6 عهدا لجالدنا عليه حتى نموت أو قال لنا قولا لأنفذنا قوله على زعمنا لن يسرع أحد قبلي إلى صلة [٤] رحم ودعوة حق والأمر إليك يا ابن عوف على صدق اليقين ، وجهد النصح ، استغفر الله لي ولكم.
يرويه يعقوب بن محمد ، عن أبي عمر الزهري ، عن مسلم بن نشيط عن عطاء ، بن أبي رباح ، عن ابن عباس.
قوله : إن حابيا خير من زاهق. الحابي من السهام هو الذي يزحف إلى الهدف يقال : «حبا يحبو [حبوا السهم» وقع دون الغرض][٥]. فإن أصاب الهدف [٦] فهو خاسق وخازق ومقرطس ، فإن جاوز الهدف ووقع خلفه فهو زاهق ، يقال : زهق السهم : إذا تقدم. وزهقت الفرس وانزهقت بين يدي الجمل وأزهقتها : قدمتها. والزهق : التقدم ، قال رؤبة :
يكاد أيديهن تهوي في الزهق.
وأراد عبد الرحمن : إن الحابي من السهام وإن كان ضعيفا فقد أصاب الهدف ؛ فهو خير من الزاهق الذي قد جاوزه لشدة مرّه وقوّته [٧] ولم يصبه. وضرب السهمين مثلا لواليين :
[١] بالأصل وم : بالمنطلع ، والمثبت عن المختصر والمطبوعة.