نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 4 صفحه : 254
وعندي أمّ الفضل جالسة وقد سرّنا ما جاءنا من الخبر ، وبلغنا عن رسول الله 6 إذ أقبل الخبيث أبو لهب بشرّ ، يجرّ رجليه ، وقد أكبته الله وأخزاه بما جاءه من الخبر حتى جلس على طرف [١] الحجرة وقال للناس : هذا أبو سفيان بن حرب قد قدم واجتمع عليه الناس ، فقال له أبو لهب : هلم إليّ يا ابن أخي ، فعندك لعمري [٢] الخبر ، فجاءه حتى جلس بين يديه فقال : يا ابن أخي ، خبرني خبر الناس ، فقال : نعم والله ما هو إلّا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يضعون السلاح منا حيث شاءوا ، والله مع ذلك سالمت [٣] الناس ؛ لقينا رجالا بيضا على خيل بلق ، لا والله ما تليق [٤] شيئا يقول : ما تبقى شيئا فرفعت طنب الحجرة. فقلت : تلك والله الملائكة ، فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة منكرة ، وبادرته وكنت رجلا ضعيفا ، فاحتملني وضرب بي ، وبرك على صدري ، فضربني وتقوم أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فتأخذه فتقول : استضعفته إن غاب عنه سيّده؟ وتضربه بالعمود على رأسه فتفلقه شجة منكرة ، وقام يجر رجليه ذليلا ، ورماه الله بالعدسة [٥] ، فو الله ما مكث إلّا سبعا حتى مات ، فلقد تركه ابناه في بيته ثلاثا ما يدفناه حتى أنتن وكانت قريش تتقي هذه العدسة كما تتقي الطاعون ، حتى قال لهما رجل من قريش : ويحكما ، ألا تستحيان ، إن أباكما قد أنتن في بيت لا تدفناه ، فقالا : إنا نخشى عدوى هذه القرحة ، فقال لهما : فأنا أعينكما عليه ، فو الله ما غسلوه إلّا قذفا بالماء عليه من بعيد لا يدنون منه حتى احتملاه إلى أعلى مكة ، فأسنداه إلى جدار ثم رضموا [٦] عليه الحجارة.
قال ابن مندة : رواه يوسف بن بهلول عن ابن إدريس عن محمّد بن إسحاق.
[١] في سيرة ابن كثير ٢ / ٤٧٩ ومختصر ابن منظور ٢ / ٢٩٧ «طنب الحجرة» وهما بمعنى.