قرأت على أبي يعلى حمزة بن أحمد بن فارس ، عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم ، أنا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد بن النّصيبي ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد الواسطي ، أنا أبو الحسن علي ، وأبو علي الحسين ابنا عبد الله بن سعيد الموصلي ـ قراءة عليهما ـ قالا : نا أبو سعيد الحسن بن علي بن عبد الله بن الحسن ، نا أبو عبد الله أحمد بن خليد بن يزيد الكندي الحلبي ، نا عبد الكريم بن رحية الدمشقي ، نا أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول قال :
بينا عيسى بن مريم صلى الله عليهما في بعض سياحته إذ أصابه مطر هاطل ، ورعد قاصف ، وبرق خاطف فحانت منه التفاتة فإذا هو بثعلب في كهف جبليّ يريد الخروج ، فلما أصابه المطر رجع فاستكن في موضعه ، فرفع عيسى رأسه إلى السماء وهو يقول : قدّوس قدّوس ، لكلّ شيء جعلت مسكنا ومأوى يأوي إليه ويسكن ، ما خلا عيسى لا مسكن له ولا مأوى ، فأوحى الله تبارك وتعالى : أن اهبط أمامك الوادي ، فهبط فإذا بعبد ساجد على صخرة بيضاء ، السيل من تحته ، والمطر من فوقه ، وهو يئنّ كما يئنّ المريض المدنف في شكاته ، وهو يقول : أوه ، خوف النار أقلقني ، قال له عيسى : يا هذا مذ كم تعبد ربك في هذا المكان؟ قال : منذ أربعمائة عام لم يؤذني حرّ الصيف قطّ ولا برد الشتاء [٢] ، ولا غير ما ترى من سوء حالي إلّا الخوف من عذاب الله تعالى ، قال له عيسى : يا هذا هل تعلم ما عذابه ، والذي نفسي بيده إنّ في جهنّم لجمرتين مثل أطباق الدنيا ، ينتثر تحتهما لحوم بني آدم وأرواحهم ، قال : فشهق العبد شهقة فارقت روحه بدنه ، فهبط جبريل بحنوط وكفن من الجنة ، فغسّله جبريل ، وكفّنه ميكائيل ، وصلّى عليه عيسى صلوات الله عليهم.