نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 30 صفحه : 416
ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق ، وحقّ لميزان أن يثقل لا يكون فيه إلّا الحق ، وإنّما خفّت موازين من خفّت موازينه يوم القيامة باتّباعهم الباطل ، وحقّ لميزان أن يخفّ لا يكون فيه إلّا الباطل ، إنّ أول من أحذرك نفسك وأحذرك الناس ، فإنهم قد طمحت أبصارهم وانفتحت [١] أجوافهم ، وانّ لهم لخيرة [٢] عن زلّة تكون ، فإيّاك أن تكونه فإنّهم لن يزالوا خائفين لك ، فرقين منك ، ما خفت من الله وفرقته ، وهذه وصيتي ، وأقرأ عليك السلام.
قال القاضي : لقد أحسن الصدّيق رضوان الله عليه الوصية ، ومحض النصيحة ، وبالغ في الاجتهاد للأمة وأنذر بما هو كائن بعده ، فوجد على ما قال ، وحذر بما يوتغ [٣] الدين ويقدح في سياسة أمر المسلمين بأوجز قول ، وأفصحه ، وأحسن بيان وأوضحه ، وأوصى لعمر [وكان و][٤] الله كافيا أمينا شحيحا على دينه ، ضنينا فصدّق ظنه به ، وتحقق تأميله وتقديره فيه ، فانقادت الأمور إليه ، واستقامت أحوال الأمة على يديه ، وعدّل الشدة واللين في رعاياه وعدل في أحكامه وقضاياه ، والله يشكر له سن سيرته ، ويجزل ثوابه على العدل في بريّته ، إنه ولي المؤمنين ومفيض إحسانه على المحسنين.
فإن قال لنا قائل : فما وجه وصف أبي بكر نفسه في هذا الخبر بأنّه الصدّيق ، وكيف استخار [٥] الخلاف هذا النعت على نفسه ، وفيه تزكية ، وتعظيم [لا يصف][٦] الألباء بهما أنفسهم وإن كانت ثابتة فيهم ، وكان يصفوا بهم إليهم ، وينيبون بها عليهم [٧] قيل له : في هذا وجهان : أحدهما : أن يكون الكاتب أثبته من قبل نفسه ، ولم يكن من أبي بكر رضياللهعنه ذكر له ، كما كمل [٨] الممل شيئا على غيره فيجري فيه ذكره فيصله