ثم أقبل على سلم فقال : [إن] أباك كفى أخاه عظيما ، وقد استكفيتك صغيرا ، فلا تتكلف على عذر مني ، فقد اتكلت على كفاية منك ، وأتعبك أبوك فلا تريحنّ نفسك ، وأنت في أدنى حظك فابلغ أقصاه ، وإياك مني قبل أن أقول إياي منك ، فإن الظن إذا اختلف فيك أخلف منك ، واذكر في يومك أحاديث غدك.
قرأت على أبي الفتوح أسامة بن محمّد بن زيد العلوي ، عن أبي جعفر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمر ، عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، قال سلم بن زياد بن أبيه [لما] تقلّد خراسان ليزيد بن معاوية له :
فإن تكن الدّنيا تزول بأهلها
فقد نلت من ضرائها ورخائها
فلا جزعا مني عليها ولا أسى
إذا هي يوما آذنت بفنائها
ذكر أبو الفرج علي بن الحسين بن محمّد فيما قرأت في كتابه [٢] بإسناد له : إن النوار لما أذنت لعبد الله بن الزبير في تزويجها بالفرزدق حكم عليه لها بمهر مثلها عشرة آلاف درهم ، فسأل : هل بمكة أحد يعينه على ذلك ، فدلّ على سلم بن زياد وكان ابن الزبير حبسه فقال فيه :
دعي مغلقي الأبواب دون فعالهم
ومرّي تمشّي بي ـ هبلت ـ إلى سلم
إلى من يرى المعروف سهلا سبيله
ويفعل أفعال الكرام التي تنمي
ثم دخل على سلم فأنشده قال : هي لك ومثلها نفقتك ، فأمر له بعشرين ألف درهم ، فقبضها ، فقالت له زوجته أم عثمان بنت عبد الله بن عمرو [٣] بن العاص الثقفية : أتعطي عشرين ألفا وأنت محبوس؟ فقال [٤] :